تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ} (19)

الآية 19 : وقوله تعالى : { هذان خصمان اختصموا في ربهم } اختلفوا في تأويله . قال بعضهم : نزل في ستة نفر تبارزوا : ثلاثة من المسلمين : حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم ، وثلاثة من المشركين : عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة . فذلك اختصامهم .

وقال بعضهم : [ اختصم ] {[12957]} أهل الإسلام وأهل الكتاب في الدين : قالت اليهود والنصارى نحن أولى بالله منكم يا معشر المسلمين لأن نبينا قبل نبيكم وديننا قبل دينكم وكتابنا قبل كتبكم . فقال : المسلمون : بل نحن أولى بالله ، آمنا بكتابنا وكتابكم ونبيكم وبكل كتاب أنزله ، ثم كفرتم أنتم بنبينا وكتابنا وبكل نبي كان قبل نبيكم . فأنزل الله تعالى ما فصل بين المؤمنين وأهل الكتاب فقال : { هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا } بمحمد وبالقرآن ، وهو اليهود والنصارى { قطعت لهم ثياب من نار } إلى آخر ما ذكر .

وقال في المؤمنين : { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } الآية [ الحج : 23 ] .

وقال بعضهم : { هذان خصمان اختصموا في ربهم } النار والجنة . قالت النار : جعلني الله للعقوبة للعصاة والفسقة ، وقالت الجنة : جعلني الله للرحمة للأنبياء والأولياء ونحوه . لكن متى يكون للنار مخاصمة وكذلك الجنة ؟ وهو بعيد .

وقال بعضهم : اختصم المسلم والكافر في البعث .

وجائز أن يكون اختصامهم ما ذكر من أول السورة إلى هذا الموضع . من ذلك قوله : { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } [ الآية : 8 ] وقوله : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } [ الآية : 11 ] وقوله : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس والذين أشركوا } [ الآية : 17 ] .

يكون الاختصام{[12958]} بين هؤلاء الذين ذكر في هذه السورة ؛ وهم أهل الإسلام وأهل [ الكفر . وفي ]{[12959]} الآية بيان ذلك حين{[12960]} : قال : /347-أ/ { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } وقال في المؤمنين : { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } [ الآية : 23 ] .

ثم جائز أن يكون هذا الذي ذكر في الآية الأولى : حين{[12961]} قال : { إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } [ الآية : 17 ] يُنزل أهل الإسلام في الجنة ، وأهل الكفر في النار ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { قطعت لهم ثياب من نار } كقوله : { سرابيلهم من قطران } الآية [ إبراهيم : 50 ] .

وقوله تعالى : { يصب من فوق رءوسهم الحميم } قيل : الحميم الماء الحار الذي انتهى حره غايته .


[12957]:ساقطة من الأصل و م.
[12958]:في الأصل و م: اختصامهم.
[12959]:في الأصل و م: الكفرة لي.
[12960]:في الأصل و م: حيث.
[12961]:في الأصل و م: حيث.