الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ} (19)

ثم قال تعالى : { هذان خصمان اختصموا في ربهم }[ 19 ] .

يعني : الذين بتارزوا يوم بدر . وقد ذكر ذلك في أول السورة .

وقال ابن عباس{[46741]} : هم أهل إيمان{[46742]} ، وأهل كتاب . اختصموا . قال أهل الكتاب للمؤمنين : نحن أولى بالله ، وأقدم منكم كتابا ونبينا قبل نبيكم . وقال المؤمنون : نحن أحق بالله ، آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنبيكم وبما أنزل الله من كتاب ، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ، ثم تركتموه وكفرتم به حسدا . فكان ذلك خصومتهم في ربهم .

وقال الحسن : هم الكفار والمؤمنون ، اختصموا في ربهم . وكذا قال مجاهد{[46743]} .

وقال عكرمة{[46744]} : ( هذان ) إشارة إلى الجنة والنار . اختصما في ربهما ، فقالت النار : خلقني الله لعقوبته . وقالت الجنة : خلقني الله لرحمته . فقد قص عليك من خبرهما ما تسمع .

ثم قال تعالى ذكره : { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار }[ 19 ] .

أي : قمصا من نحاس ونار{[46745]} .

وقال ابن جبير{[46746]} : ليس في الآنية أشد حرا من النحاس .

قال مجاهد{[46747]} : الكافر قطعت له ثياب من نار . والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الأنهار .

ثم قال : { يصب من فوق رءوسهم الحميم } أي : ماء يغلي .

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال{[46748]} : " إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه ، فيسلت ما في جوفه حتى يبلغ قدميه -وهو قوله : ( يصهر ما في بطونهم )- ثم يعاد كما كان " .


[46741]:انظر: جامع البيان 17/132 وزاد المسير 5/416، وتفسير القرطبي 12/25، ولباب النقول: 188.
[46742]:ز: الإيمان.
[46743]:انظر: جامع البيان 17/132، وزاد المسير 5/416، والدر المنثور 4/349.
[46744]:انظر: جامع البيان 17/133، وزاد المسير 5/417، وتفسير القرطبي 12/25.
[46745]:ونار: سقط من ز.
[46746]:انظر: جامع البيان 17/133، وتفسير القرطبي 12/26، والدر المنثور 4/349.
[46747]:انظر: جامع البيان 17/133، والدر المنثور 4/349.
[46748]:انظر: مستدرك الحاكم 2/387.