فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (64)

{ برهانكم } حجتكم .

{ أم من يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض } من الذي أنشأ الخلق وفطرهم فسيجيبون بأنه الله ، وقد شهدت بذلك آيات الكتاب الحق )ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون( {[2903]} ، { ثم يعيده } الله دون سواه ينشئ النشأة الآخرة ) . . كما بدأكم تعودون( {[2904]} ، ولقد أقام القرآن الحجة البالغة على المرتابين في البعث إذ جاء شقي منهم يجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتنزل الوحي يبطل فريته ، ويدفع مريته : )وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم . قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم . الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون . أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم . إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . { فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون }{[2905]} ، { ومن يرزقكم من السماء والأرض } من الذي جعل لأرزاق العباد أسبابا علوية وأخرى سفلية ؟ السماء والشمس والهواء والرياح والمطر ، والجبال والعيون والأنهار والزروع والثمار والمعادن والحيوان كل ذلك سخره المولى لنا تفضلا منه وكرما ، والذين يدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) . . إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له . . ( {[2906]} ، { أإله مع الله } فعل هذا ؟ هل هناك إله آخر موجود معه يعاونه في الخلق والرزق والبدء والإعادة ؟ ! حاشا ! { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يطالبهم بالإتيان بسلطان أو دليل أو حجة على أن لله شريكا ، أو أن أحدا صنع شيئا من هذه الأشياء غير الله جل علاه ! مما أورد صاحب جامع البيان : { من } التي في{ أمن } . . . بمعنى الذي لا بمعنى الاستفهام ، وذلك لأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام . اه .


[2903]:سورة الزخرف. الآية 87.
[2904]:سورة الأعراف. من الآية 29.
[2905]:سورة يس. الآيات: من 78 إلى 83.
[2906]:سورة العنكبوت. من الآية 17.