{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون 16 فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون17 }
والمؤمنون المسبحون ، الخاشعون الساجدون ، لايشغلهم عن مناجاة ربهم شيء ، فحين يرقد المفرطون ، ويغفل الغافلون ، ينهض المتقون الصادقون آناء الليل ، يصلون ويدعون ، يخافون العذاب ، ورحمة ربهم يرجون ، وفي رضوانه يطمعون ، ومع وفائهم بعد الخلاق- سبحانه- فهم لخلقه راعون ، ومما تفضل عليهم به المولى يجودون ويبذلون ، فجزاهم الله على إحسانهم أحسن ما يكون ، وادخر لهم من النعيم ما لايصفه الواصفون ، وهي بشراه- عز ثناؤه- وعدها المتقون : )إن المتقين في جنات وعيون . آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين . كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون . وفي أموالهم حق للسائل والمحروم( {[3515]} .
أخرج أبو داود الطيالسي في مسنده ، وأحمد ، والنسائي- والحاكم وصححه- وابن جرير وغيرهم ، والترمذي- وصححه- عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت : يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ! قال : " لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت " ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم قرأ : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع . . } حتى بلغ{ يعملون } " الحديث{[3516]} .
قال ابن عطية : وكانت الجاهلية ينامون من أول الغروب ومن أي وقت شاء الإنسان ، فجاء انتظار وقت العشاء غريبا شاقا ، ومصلى الصبح في جماعة لا سيما في أول الوقت ، كما كان عليه السلام يصليها ، والعادة أن من حافظ على هذه الصلاة في أول الوقت يقوم سحرا يتوضأ ويصلي ويذكر الله عز وجل إلى أن يطلع الفجر ، فقد حصل التجافي أول الليل وآخره .
روى مسلم- رحمه الله- في صحيحه من حديث عثمان بن عفان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من صل العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله " .
وهكذا يعظم مولانا الشكور الودود المثوبة للمتهجدين والمستغفرين بالأسحار ، وشهدت بذلك الآثار{[3517]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.