فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (17)

{ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } النعيم الذي لا يحيط به الوصف- إذ لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مقدار هذا الإنعام- تقر به أعين هؤلاء السعداء الأتقياء ، وتطيب أنفسهم بما يحله المولى الكريم عليهم من رضوان .

في صحيح مسلم- رحمه الله- عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " سأل موسى عليه السلام ربه فقال يارب ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يأتي بعد ما يدخل أهل الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي ربي كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله معه ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب فيقال هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب . قال : فأعلاهم منزلة ؟ قال أولئك الذين أردت غرست{[3518]} كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر- قال- ومصداقه من كتاب الله قوله تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } .

وبحسب المتهجدين من الأجر والذكر ما شهد لهم به المولى في محكم التنزيل : )إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك . . . ( {[3519]} .


[3518]:قال النووي:"أردت" معناه: اخترت واصطفيت، وأما"غرست كرامتهم بيدي" فمعناه: اصطفيتهم وتوليتهم فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير.
[3519]:سورة المزمل. من الآية 20.