فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23)

{ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه }

أتدرك بصيرتك أن من جعل هواه إلها هل يهتدي إلى الحق ؟

{ وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة } .

وخذله عن سبيل الرشاد لِمَا علم- سبحانه- بأنه لا يؤمن ولو جاءته كل آية { . . فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم . . }{[4541]} وطبع على سمعه ، أي يسمع كلام الله فلا يتدبر ولا يتفكر ولا يعتبر ، وعلى قلبه ، فصدره ضيق بالدين ، حرج بالرشاد ؛ وعلى بصره ، فلا ينظر في ملكوت السماوات والأرض ليرى برهان قدرة ربه ووحدانيته { . . لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون }{[4542]} .

{ فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون( 23 ) } .

فمن غير الله يوفقه لانشراح الصدر بالإسلام ، وانفتاح العين على بديع صنع الملك العلام ، وسماع الموعظة التي تنزلت على خير الأنام ؟ .

فمن يوفقه إلى الرشد بعد أن قضى الله أن يضله ؟ { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا }{[4543]} أفلا تذكرتم أن من حق عليه القول لن يهتدي أبدا ، ولن تجد له من دون ربه وليا مرشدا .


[4541]:سورة الصف. من الآية 5.
[4542]:سورة الأعراف. من الآية 179.
[4543]:سورة مريم .من الآية 75.