الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَئِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقۡطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأۡتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلۡمُنكَرَۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (29)

{ وتقطعون السبيل } أي سبيل الولد وقيل يأخذون الناس من الطرق لطلب الفاحشة { وتأتون في ناديكم } مجلسكم { المنكر } كان بعضهم يجامع بعضا في مجالسهم { فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين } أنه نازل بنا

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَئِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقۡطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأۡتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلۡمُنكَرَۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (29)

ثم كرر الإنكار تأكيداً لتجاوز قبحها الذي ينكرونه فقال : { أئنكم لتأتون الرجال } إتيان الشهوة ، وعطف عليها ما ضموه إليها من المناكر ، بياناً لاستحقاق الذم من وجوه ، فأوجب حالهم ظن أنهم وصلوا من الخبث إلى حد لا مطمع في الرجوع عنه مع ملازمته لدعائهم من غير ملل ولا ضجر ، فقال { وتقطعون السبيل* } أي بأذى الجلابين والمارة .

ولما خص هذين الفسادين ، عم دالاً على المجاهرة فقال : { وتأتون في ناديكم } أي المكان الذي تجلسون فيه للتحدث بحيث يسمع بعضكم نداء بعض من مجلس المؤانسة ، وهو ناد ما دام القوم فيه ، فإذا قاموا عنه لم يسم بذلك { المنكر } أي هذا الجنس ، وهو ما تنكره الشرائع والمروءات والعقول ، ولا تتحاشون عن شيء منه في المجتمع الذي يتحاشى فيه الإنسان من فعل خلاف الأولى ، من غير أن يستحي بعضكم من بعض ؛ ودل على عنادهم بقوله مسبباً عن هذه النصائح بالنهي عن تلك الفضائح : { فما كان جواب قومه } أي الذين فيهم قوة ونجدة بحيث يخشى شرهم ، ويتقي أذاهم وضرهم ، لما أنكر عليهم ما أنكر { إلا أن قالوا } عناداً وجهلاً واستهزاء : { ائتنا بعذاب الله } وعبروا بالاسم الأعظم زيادة في الجرأة . ولما كان الإنكار ملزوماً للوعيد بأمر ضار قالوا : { إن كنت } أي كوناً متمكناً { من الصادقين* } أي في وعيدك وإرسالك ، إلهاباً وتهييجاً .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَئِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقۡطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأۡتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلۡمُنكَرَۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (29)

{ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ } أي إنكم تأتون الذكران ، وهذه فاحشة منكرة مستقذرة ما سبقكم بهذه الفعلة النكراء أحد من قبلكم من العالمين . وقيل : ما نزا ذكر على ذكر حتى كان كقوم لوط .

قوله : { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ } قال لوط لقومه مستقذرا مقبحا : أئنكم لتأتون الذكران في أدبارهم { وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ } كانوا قطاع طريق . وقيل : كانوا يقطعون المسافرين عليهم بفعلهم الخبائث ؛ فقد كانوا يفعلون هذا بمن مرّ عليهم من المسافرين أو بمن ورد بلادهم من الغرباء . ولقد أسرفوا في هذه الفعلة البشعة حتى إنهم استغنوا عن النساء بالرجال .

قوله : { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَر } النادي معناه المجلس . واختلفوا في المراد بالمنكر الذي كانوا يأتونه في مجالسهم . فقد قيل : كانوا يتضارطون في مجالسهم . فالمراد بالمنكر هنا الضراط . وهذا يكشف عن وقاحتهم وإسفافهم وانحطاط نفوسهم . وقيل : كانوا يحذفون من يمرّ بهم بالحصى ويسخرون منهم ، وذلك إتيانهم المنكر في ناديهم .

قوله : { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } أي لم يكن جواب هؤلاء المتفحشين الشذاذ{[3557]} لنبيهم لوط ؛ إذ نهاهم وحذرهم سوء فحشهم وقذرهم : ائتنا بعذاب الله الذي تعدنا إن كنت تصدق فيما تقول وتنجز ما تعد . قالوا ذلك على سبيل الإنكار والاستخسار والتكذيب .


[3557]:الشذاذ: جمع ومفرده الشاذ، وهو المنفرد، أو الخارج عن الجماعة. أو ما خالف القاعدة أو القياس. والشاذ من الناس: خلاف السويّ. وفي علم النفس: ما ينحرف عن القاعدة أو النمط أو السلوك السليم. انظر المعجم الوسيط ج 1 ص 476.