الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا} (15)

أي : كل نفس حاملة وزراً ، فإنما تحمل وزرها لا وزر نفس أخرى { وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ } وما صحّ منا صحة تدعو إليها الحكمة أن نعذب قوماً إلا بعد أن { نَبْعَثَ } إليهم { رَسُولاً } فتلزمهم الحجة .

فإن قلت : الحجة لازمة لهم قبل بعثة الرسل ، لأنّ معهم أدلة العقل التي بها يعرف الله ، وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه ، واستيجابهم العذاب لإغفالهم النظر فيما معهم ، وكفرهم لذلك ، لا لإغفال الشرائع التي لا سبيل إليها إلا بالتوقيف ، والعمل بها لا يصح إلا بعد الإيمان . قلت : بعثة الرسل من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة ، لئلا يقولوا : كنا غافلين فلو لا بعث إلينا رسولاً ينبهنا على النظر في أدلة العقل .