الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُۥٓ ءَايَةٗ وَءَاوَيۡنَٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٖ ذَاتِ قَرَارٖ وَمَعِينٖ} (50)

فإن قلت : لو قيل آيتين هل كان يكون له وجه ؟ قلت : نعم ، لأنّ مريم ولدت من غير مسيس ، وعيسى روح من الله ألقي إليها ، وقد تكلم في المهد وكان يحيي الموتى مع معجزات أخر ، فكان آية من غير وجه ، واللفظ محتمل للتثنية على تقدير { وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ } آية { وَأُمَّهُ ءَايَةً } ثم حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها . الربوة والرباوة في رائهما الحركات . وقرىء : «ربوة ورباوة » بالضم . و «رباوة » بالكسر وهي الأرض المرتفعة . قيل : هي إيليا أرض بيت المقدس ، وأنها كبد الأرض وأقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا ً [ عن كعب ] . وقيل : دمشق وغوطتها . وعن الحسن : فلسطين والرملة . وعن أبي هريرة : الزموا هذه الرملة رملة فلسطين ، فإنها الربوة التي ذكرها الله . وقيل : مصر . والقرار : المستقرّ من أرض مستوية منبسطة . وعن قتادة : ذات ثمار وماء ، يعني أنه لأجل الثمار : يستقرّ فيها ساكنوها . والمعين : الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض . وقد اختلف في زيادة ميمه وأصالته ، فوجه من جعله مفعولاً أنه مدرك بالعين لظهوره ، من عانه : إذا أدركه بعينه ، نحو : ركبه ، إذا ضربته بركبته . ووجه من جعله فعيلاً : أنه نفاع بظهوره وجريه ، من الماعون : وهو المنفعة .