الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (83)

{ تِلْكَ } تعظيم لها وتفخيم لشأنها ، يعني : تلك التي سمعت بذكرها وبلغك وصفها . لم يعلق الموعد بترك العلو والفساد ، ولكن بترك إرادتهما وميل القلوب إليهما ، كما قال : { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ } [ هود : 113 ] فعلق الوعيد بالركون . وعن علي رضي الله عنه : إنّ الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه ، فيدخل تحتها . وعن الفضيل أنه قرأها ثم قال : ذهبت الأماني ههنا . وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يردّدها حتى قبض . ومن الطماع من يجعل العلوّ لفرعون ، والفساد لقارون ، متعلقاً بقوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرض } [ القصص : 4 ] ، { وَلاَ تَبْغِ الفساد فِى الأرض } [ القصص : 77 ] ويقول : من لم يكن مثل فرعون وقارون فله تلك الدار الآخرة ، ولا يتدبر قوله : { والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ } كما تدبره عليّ والفضيل وعمر .