الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (82)

قد يذكر الأمس ولا يراد به اليوم الذي قبل يومك ، ولكن الوقت المستقرب على طريق الاستعارة { مَكَانَهُ } منزلته من الدنيا ( وي ) مفصولة عن كأن ، وهي كلمة تنبُّهٍ على الخطأ وتندُّم . ومعناه : أن القوم قد تنبهوا على خطئهم في تمنيهم وقولهم : { ياليت لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قارون } وتندموا ثم قالوا : { وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون } أي : ما أشبه الحال بأن الكافرين لا ينالون الفلاح ، وهو مذهب الخليل وسيبويه . قال :

وَيْ كَأَنَّ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ *** بب وَمَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ

وحكى الفراء أنّ أعرابية قالت لزوجها : أين ابنك ؟ فقال : وي كأنه وراء البيت . وعند الكوفيين أنّ «ويك » بمعنى : ويلك ، وأنّ المعنى ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون . ويجوز أن تكون الكاف كاف الخطاب مضمومة إلى وي ، كقوله :

. . . وَيْكَ عَنْتَرُ أَقْدِمِ ***

وأنه بمعنى لأنه ، واللام لبيان المقول لأجله هذا القول ، أو لأنه لا يفلح الكافرون كان ذلك ، وهو الخسف بقارون ، ومن الناس من يقف على ( وي ) ويبتدىء ( كَأَنَّهُ ) ومنهم من يقف على «ويك » . وقرأ الأعمش «لولا منّ الله علينا » . وقرىء : { لَخَسَفَ بِنَا } وفيه ضمير الله . ولا نخسف بنا ، كقولك : انقطع به . ولتخسف بنا .