تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (83)

[ الآية 83 ] وقوله تعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } في [ ظاهر الآية ]{[15606]} أن كل من لا يريد العلو في هذه الدنيا ولا الفساد فيها يكون من أهل تلك الدار ، وكذلك ما ذكر من دار الآخرة ، وجهنم من دار الآخرة أيضا . لكن الآية تخرج على وجهين :

أحدهما : كأنها نزلت في رؤساء الكفرة ، وفراعينهم هم الذين كانوا يريدون العلو في هذه الدنيا بالتكبر والتجبر على الرسل ، والفساد فيها في صرف الناس عن دين الله للرسل ، ودعا الناس إلى دين الله واتباع الرسل .

والثاني : تكون الآية في الذين كانوا يعملون بالخيرات والطاعات منهم من{[15607]} نحو صلة الأرحام والصدقة على الفقراء والإنفاق في ذلك . فأخبر أنهم ، وإن كانوا يعملون بتلك الأعمال ، فإنما يعملون للدنيا والعلو فيها لا للآخرة . فتلك الدار الآخرة ، ليست لهم . إنما هي للذين يعملون ، ويريدون [ بأعمالهم ]{[15608]} الدار الآخرة .

وقول تعالى : { تلك الدار الآخرة } كأنه يقول : تلك الدار التي دعوا إليها ليست لمن ذكر [ وإنما ]{[15609]} هي الدار التي قال الله تعالى : { والله يدعوا إلى دار السلام } [ يونس : 25 ] فالدار الآخرة ، هي الدار التي دعوا إليها ، وهي الجنة ؛ الدار الآخرة على الإطلاق : الجنة كالكتاب المطلق كتاب الله والدين المطلق دين الله ونحوه .

وقوله تعالى : { والعاقبة للمتقين } أي تلك الدار الآخرة للمتقين .


[15606]:- في الأصل وم: ظاهرها.
[15607]:- في الأصل وم: في.
[15608]:- في الأصل وم: بها.
[15609]:- في الأصل وم: و.