محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (83)

ثم أشار تعالى إلى مقابل حال قارون ، من حال خلص عباده ، بقوله سبحانه :

{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ } أي غلبة وتسلطا بسوء وتكبر { وَلَا فَسَادًا } أي بظلم وعدوان وصد عن سبيل الله تعالى { وَالْعَاقِبَةُ } أي النهاية الحميدة { لِلْمُتَّقِينَ } أي للذين يتقون ما لا يرضاه تعالى من الأقوال والأفعال .

قال الزمخشري ، قدس الله روحه : لم يعلق الموعد بترك العلو والفساد . ولكن بترك إرادتهما ، وميل القلوب إليهما . كما قال {[6018]} : { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا } فعلق الوعيد بالركون . وعن علي رضي الله عنه : ( إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه . فيدخل تحتها ) .

وعن الفضيل أنه قرأها ثم قال : ذهبت الأماني ها هنا . وعن عمر بن عبد العزيز ، أنه كان يرددها حتى قبض . ومن الطماع من يجعل العلو لفرعون ، والفساد لقارون ، متعلقا بقوله {[6019]} : { إن فرعون علا في الأرض } {[6020]} { ولا تبغ الفساد في الأرض } ويقول : من لم يكن مثل فرعون وقارون ، فله تلك الدار الآخرة . ولا يتدبر قوله : { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } كما تدبره علي والفضيل وعمر رضي الله عنهم .


[6018]:(11 هود 113).
[6019]:(28 القصص 4).
[6020]:(28 القص 77).