{ تلك } التي سمعت بخبرها ، وبلغك شأنها { الدار الآخرة } أي : الجنة والإشارة إليها القصد التعظيم لها ، والتفخيم لشأنها { نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض } أي : رفعة وتكبرا على المؤمنين ، وقيل : ظلما ، وقيل : استطالة على الناس ، وتهاونا بهم بالبغي .
{ ولا فسادا } أي عملا بمعاصي الله سبحانه فيها ، كقتل النفس ، والزنا ، والسرقة وشرب الخمر أو دعاء إلى عبادة لغير الله . ولم يعق الموعد بترك العلو والفساد ، ولكن بترك إرادتهما وميل القلوب إليهما ، كما قال : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ، فعلق الوعيد بالركون .
وعن عمر بن عبد العزيز : أنه كان يرددها حتى قبض . وقال بعضهم : حقيقته التنفير عن متابعة فرعون وقارون متشبثا بقوله : إن فرعون علا في الأرض ، ولا تبغ الفساد في الأرض ، وذكر الفساد والعلو منكّرين في حيز النفي يدل على شمولها لكل ما يطلق عليه أنه فساد ، وأنه علو من غير تخصيص بنوع خاص ، أما الفساد فظاهر أنه لا يجوز شيء منه كائنا ما كان وأما العلو فالممنوع منه ما كان على طريقة التكبر على الغير والتطاول على الناس ؛ وليس منه طلب العلو في الحق والرياسة في الدين ولا محبة اللباس الحسن ، والمركوب الحسن ، والمنزل الحسن .
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية قال : " التجبر في الأرض والأخذ بغير الحق " ، أخرجه المحاملي والديلمي ، وروى مثله عن مسلم البطين ، وابن جرير ، وعكرمة . وقال سعيد بن جبير بغيا في الأرض . وعن الحسن قال : هو الشرف والعلو عند ذوي سلطانهم . وأقول : إن كان للتقوى به على الحق فهو من خصال الخير لا من خصال الشر . وعن علي ابن أبي طالب قال : إن الرجل ليحب أن يكون شسع نعله أفضل من شسع نعل صاحبه فيدخل في هذه الآية .
قال ابن كثير في تفسيره بعد ذكره هذه الرواية عن علي : وهذا محمول على من أحب ذلك لا بمجرد التجمل . فهذا لا بأس به ، فقد ثبت أن رجلا قال : يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسنا ، ونعلي حسنة ، أفمن الكبر ذلك ؟ قال : " لا ، إن الله جميل يحب الجمال " .
وعن علي بن أبي طالب قال : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة ، وأهل من سائر الناس ، وعن ابن عباس مثله .
وعن عدي بن حاتم قال : لما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ألقى إليه وسادة فجلس على الأرض فقال : " أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا فأسلم "
{ والعاقبة } المحمودة { للمتقين } أي لمن اتقى عقاب الله بأداء أوامره واجتناب نواهيه ، وقيل : عاقبة المتقين الجنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.