فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (83)

{ تِلْكَ الدار الآخرة } أي الجنة ، والإشارة إليها لقصد التعظيم لها والتفخيم لشأنها ، كأنه قال : تلك التي سمعت بخبرها وبلغك شأنها { نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرض } أي : رفعة وتكبراً على المؤمنين { وَلاَ فَسَاداً } أي عملاً بمعاصي الله سبحانه فيها ، وذكر العلوّ والفساد منكرين في حيز النفي يدلّ على شمولهما لكلّ ما يطلق عليه أنه علوّ وأنه فساد من غير تخصيص بنوع خاص ، أما الفساد فظاهر أنه لا يجوز شيء منه كائناً ما كان ، وأما العلوّ فالممنوع منه ما كان على طريق التكبر على الغير ، والتطاول على الناس ، وليس منه طلب العلو في الحقّ ، والرئاسة في الدين ولا محبة اللباس الحسن والمركوب الحسن والمنزل الحسن .

/خ88