فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ} (83)

{ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين83 من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون84 إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين85 وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين86 ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين 87 ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون88 }

تلك الدار التي هي دار القرار ، نجعل النعيم فيها والكرامة لأهل الصلاح الأبرار ، الذين خلصت نفوسهم من الكبر ، وكفوا جوارحهم عن الشر والأوزار ، وحسن المصير لا يدركه إلا الأخيار ، مما نقل ابن كثير : وقال ابن جريج { لا يريدون علوا في الأرض } تعظما وتجبرا ، { ولا فسادا } عملا بالمعاصي ، . . . عن علي قال : إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل في قوله تعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } وهذا محمول على ما إذا أراد بذلك الفخر والتطاول على غيره ، فإن ذلك مذموم كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد " وأما إذا أحب ذلك لمجرد التجمل فهذا لا بأس به ، فقد ثبت أن رجلا قال : يا رسول الله ! إني أحب أن يكون ردائي حسنا ونعلي حسنة ، أفمن الكبر ذلك ؟ فقال : " لا إن الله جميل يحب الجمال " . أه .