الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوۡلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (175)

{ الشيطان } خبر ذلكم ، بمعنى : إنما ذلكم المثبط هو الشيطان . ويخوّف أولياءه : جملة مستأنفة بيان لشيطنته . أو الشيطان صفة لاسم الإشارة . ويخوف الخبر . والمراد بالشيطان نعيم ، أو أبو سفيان . ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف ، بمعنى إنما ذلكم قول الشيطان ، أي قول إبليس لعنه الله { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } يخوّفكم أولياءه الذين هم أبو سفيان وأصحابه . وتدل عليه قراءة ابن عباس وابن مسعود : «يخوفكم أولياءه » . وقوله : فلا تخافوهم . وقيل يخوّف أولياءه القاعدين عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فإن قلت : فإلام رجع الضمير في { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } على هذا التفسير ؟ قلت : إلى الناس في قوله : { إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } [ آل عمران : 183 ] فلا تخافوهم فتقعدوا عن القتال وتجبنوا { وَخَافُونِ } فجاهدوا مع رسولي وسارعوا إلى ما يأمركم به { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } يعني أنّ الإيمان يقتضي أن تؤثروا خوف الله على خوف الناس { وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ الله } [ الأحزاب : 39 ] .