غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَطَمَسۡنَا عَلَىٰٓ أَعۡيُنِهِمۡ فَٱسۡتَبَقُواْ ٱلصِّرَٰطَ فَأَنَّىٰ يُبۡصِرُونَ} (66)

45

فلا جرم عقبه بتمسك الجبري وهو قوله { ولو نشاء لطمسنا } ووجه التمسك أن إعماء البصائر شبه إعماء الأبصار ، وسلب القوّة العقلية كسلب القوّة الجسمية . فكما أنه لو شاء لطمس على أبصارهم حتى لا يهتدوا إلى الطريق القاهر الظاهر ولو شاء لسلب قوّة جسومهم بالمسخ حتى لا يقدروا على تقدم ولا تأخر ، فكذلك إذا شاء أعمى البصائر وسلب قواهم العقلية حتى لم يفهموا دليلاً ولم يتفكروا في آية . والطمس محو أثر شق العين . قال جار الله { فاستبقوا الصراط } أصله فاستبقوا إلى الصراط فانتصب بنزع الخافض . والمعنى لو شاء لمسح أعينهم فلو راموا أن يسبقوا إلى الصراط الذي عهدوه واعتادوا على سلوكه إلى مساكنهم لم يقدروا عليه إذ الصراط طريق الاستباق ، والاستباق مضمن معنى الابتدار . فالمراد لو شاء لأعماهم حتى لو أرادوا أن يمشوا مستبقين في الطريق المألوف أو مبتدرين إياه كما كان هجيراهم لم يستطيعوا . أو يجعل الصراط مسبوقاً لا مسبوقاً إليه ، فالمعنى لو طلبوا أن يخلفوا الصراط الذي اعتادوه لعجزوا ولم يقدروا إلى على سلوك الطريق المعتاد كالعميان يهتدون فيما ألفوا من المقاصد والجهات دون غيرها .

/خ83