الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَّا هُم مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُمۡ وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (14)

كان المنافقون يتولون اليهود وهم الذين غضب الله عليهم في قوله تعالى : { من لعنه الله وغضب عليه } [ المائدة : 60 ] ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين { مَّا هُم مِّنكُمْ } يا مسلمون { وَلاَ مِنْهُمْ } ولا من اليهود ، كقوله تعالى : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء } [ النساء : 143 ] ، { وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكذب } أي يقولون : والله إنا لمسلمون ، فيحلفون على الكذب الذي هو ادعاء الإسلام { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أن المحلوف عليه كذب بحت .

فإن قلت : فما فائدة قوله : { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ؟ قلت : الكذب : أن يكون الخبر لا على وفاق المخبر عنه ، سواء علم المخبر أو لم يعلم ، فالمعنى : أنهم الذين يخبرون وخبرهم خلاف ما يخبرون عنه ، وهم عالمون بذلك متعمدون له ، كمن يحلف بالغموس .