الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ خَالِصَةٞ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِنَاۖ وَإِن يَكُن مَّيۡتَةٗ فَهُمۡ فِيهِ شُرَكَآءُۚ سَيَجۡزِيهِمۡ وَصۡفَهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (139)

كانوا يقولون في أجنة البحائر والسوائب : ما ولد منها حياً فهو خالص للذكور لا تأكل منه الإناث ، وما ولد منها ميتاً اشترك فيه الذكور الإناث . وأنث { خَالِصَةٌ } للحمل على المعنى ، لأنّ مافي معنى الأجنة وذكر { وَأَنْعَمٌ حُرِّمَتْ } للحمل على اللفظ . ونظيره { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } [ محمد : 16 ] ويجوز أن تكون التاء للمبالغة مثلها في رواية الشعر . وأن تكون مصدراً وقع موقع الخالص ، كالعاقبة أي ذو خالصة . ويدلّ عليه قراءة من قرأ : «خالصة » بالنصب على أنّ قوله { لِّذُكُورِنَا } هو الخبر ، وخالصة مصدر مؤكد ، ولا يجوز أن يكون حالاً متقدمة ، لأن المجرور لا يتقدم عليه حاله . وقرأ ابن عباس : «خالصة » على الإضافة . وفي مصحف عبد الله : «خالص » . { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً } وإن يكن ما في بطونها ميتة . وقرىء : «وإن تكن » ، بالتأنيث ، على : وإن تكن الأجنة ميتة . وقرأ أهل مكة : «وإن تكن ميتة » بالتأنيث والرفع على كان التامة وتذكير الضمير في قوله : { فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء } لأن الميتة لكل ميت ذكر أو أنثى ، فكأنه قيل : وإن يكن ميت فهم فيه شركاء { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } أي : جزاء وصفهم الكذب على الله في التحليل والتحريم من قوله تعالى : { ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب هذا حلال وهذا حَرَامٌ } [ النحل : 116 ] .