قوله : { وقالوا ما في بطون هذه الأنعام } الآية [ 140 ] .
قوله : { خالصة } : أُنّثت{[22058]} ( ما ) لتأنيث ( الأنْعَامِ ) ، لأن ما في بطونها{[22059]} ملتبس{[22060]} بها{[22061]} ، كما قال :
( مشين كما اهتزّت رماح ){[22062]} تشفهت أعاليها مَرُّ{[22063]} الريّاح النواسم{[22064]}
فأنِّث{[22065]} ، لأن المر من الرياح ، هذا قول الفراء{[22066]} . وقال الكسائي والأخفش : دخل التأنيث للمبالغة{[22067]} . وقيل : ( التأنيث على معنى ( ما ) ، /{[22068]} والتذكير على اللفظ ){[22069]} ، كذا قرأ ابن عباس ( خَالِصُهُ ){[22070]} بالتذكير{[22071]} ، والمعنى : ما خلص منه حيا لذكورنا{[22072]} .
{ ومحرم على أزواجنا } يعني الإناث ){[22073]} .
وقرأ الأعمش ( خَالصٌ ) بغير هاء ، على التذكير على اللفظ ، ولأن بعده { ومحرم }{[22074]} .
وهذه الآية – في قراءة الجماعة – أتت على خلاف نظائرها في القرآن ، لأن ما{[22075]} يحمل على اللفظ وعلى المعنى مرة ، إنما يتقدم أولا الحمل على اللفظ ثم يليه الحمل على المعنى ، نحو : { من آمن بالله } ثم قال : { فلهم أجرهم }{[22076]} ، ونحو : { ولله يسجد من في السموات والأ{ ض طوعا وكرها } ثم قال : { وظلالهم }{[22077]} ، وهو كثير ، هكذا يأتي{[22078]} في القرآن وكلام العرب ، يتقدم الحمل على{[22079]} اللفظ ، ثم يحمل بعد ذلك على المعنى . وهذا الآية تقدم{[22080]} الحمل ( فيها ){[22081]} على المعنى فقال : ( خالِصَة ) ، ثم حمل بعد ذلك على اللفظ فقال { ومحرم }{[22082]} . ومثله{[22083]} قوله : { كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها }{[22084]} ، فقال أولا ( سيئة ) فأنث وحمل على معنى ( كل ) ، لأنها اسم لجميع ما تقدم مما نهى عنه من الخطايا ، ثم قال بعد ذلك ( مكروها ) ، فذكّر على لفظ ( كل ) ، وهذا إنما هو على قراءة نافع ومن تابعه .
وكذلك { ما تركبون لتستووا على ظهوره }{[22085]} ، فجمع ( الظهور ) حملا على معنى ( ما ) ، ووحّد الهاء حملا على لفظ ( ما ) . وحكي عن العرب : ( ليت هذا الجراد قد ذهب فأراحنا{[22086]} ( من ){[22087]} أنْفُسِهِ ) ، فجمع ( الأنفس ) ووحّد الهاء{[22088]} وذكّرها{[22089]} .
ومن قرأ ( يَكُن ) بالياء{[22090]} ، رده على لفظ ( ما ){[22091]} ، وردّه أيضا على ما بعده لأن بعده{[22092]} ( فهم فيه ) ، ولم يقل : ( فيها ) ، والمعنى : ( وإن ){[22093]} يكن ما في بطونها ميتة{[22094]} .
ومن رفع ( مَيْتَةٌ ){[22095]} جعل ( كان ) بمعنى ( وقع ){[22096]} ، وقال الأخفش : التقدير : ( وإن{[22097]} تكن في بطونها ميتة ){[22098]} ، جعل الخبر محذوفا .
ومن قرأ بالتاء{[22099]} ، أنّث على معنى ( ما ){[22100]} . وقيل : التقدير : ( وإن تكن{[22101]} النّسمة ميتة ){[22102]} .
و( هي لما ){[22103]} في بطون الأنعام التي يسمونها الوصيلة{[22104]} ، وهي الشاة : كانت إذا ولدت ستة أبطن : عناقَيْن ( عناقين ){[22105]} ، وولدت في السابع عناقا{[22106]} وجديا ، قالوا : وصلت أخاها ، فكان لبنها حلالا للرجال حراما للنساء ، فإن ماتت أحل لحمها للرجال والنساء ، فعابهم{[22107]} ( الله ){[22108]} بهذه الأحكام التي لم يؤمروا بها{[22109]} .
ومعنى الآية – في قول ابن عباس – أن الذي ذكروه مما في بطون الأنعام : هو اللبن ، جعلوه حلالا للذكور ، ( وحراما على الإناث{[22110]} . قال قتادة : هو ألبان البحائر{[22111]} ، حلّلوه للذكور ){[22112]} ، وحرموه على الإناث وإن يكن ميتة اشترك فيه الذكور والإناث{[22113]} . قال ابن عباس : كانت الشاة إذا ولدت ذكرا وذبحوه ، أكله الرجال دون النساء ، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح ، ( وإن ){[22114]} كانت ميتة فهم فيه{[22115]} شركاء{[22116]} . قال{[22117]} السدي وغيره : عنى بذلك ما في بطون الأنعام من الحمل ، إن ولد حيا ، فهو للرجال دون النساء ، وإن ولد ميتا أكله الرجال والنساء{[22118]} .
والأزواج هنا : نساؤهم{[22119]} . وقال ابن زيد : الأزواج هنا : بناتهم{[22120]} .
{ سيجزيهم وصفهم } أي : سيكافئهم{[22121]} وصفهم ، أي : على وصفهم ، وهو قولهم الكذب{[22122]} ، قال قتادة : وصفهم : كذبهم{[22123]} ، أي : يجزيهم عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.