بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ خَالِصَةٞ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِنَاۖ وَإِن يَكُن مَّيۡتَةٗ فَهُمۡ فِيهِ شُرَكَآءُۚ سَيَجۡزِيهِمۡ وَصۡفَهُمۡۚ إِنَّهُۥ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (139)

{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هذه الأنعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا } قال الكلبي يعني : البحيرة والوصيلة حلال لذكورنا ما دامت في الأحياء ، وليس للنساء فيه شركة ولا نصيب . فذلك قوله : { وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً } يعني : من هذه الأنعام { فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء } يعني : الرجال والنساء في أكلها . وقال الضحاك : كانت الناقة إذا ولدت فصيلاً ذكراً حرموا لحم الفصيل ولبن الناقة على النساء دون الرجال ، وإن وضعت فصيلاً ميتاً اشتركت الرجال والنساء في لحم الفصيل ولبن الناقة . ذكر في أول الكلام { خَالِصَةٌ } لفظ التأنيث ، لأنه انصرف إلى المعنى ، ومعناه : حمله ما في بطون هذه الأنعام .

ثم قال { وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا } ذكر بلفظ التذكير ، لأنّه انصرف إلى قوله : { مَا فِي بُطُونِ } قرأ عاصم في رواية أبي بكر { وَأَنْ تَكُنْ } بالتاء على معنى التأنيث { مَيْتَةً } بالنصب يعني : وإن تكن الجماعة ميتة صارت الميتة خبر كان . وقرأ ابن عامر { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً } بالضم يعني : وإن كانت ميتة جعلها اسم كان رفعاً وقرأ ابن كثير { وَإِن يَكُنْ } بالياء { مَيْتَةً } بالضم يعني وإن : كان ما فيه ميتة بلفظ التذكير وجعل الميتة اسم كان .

وقرأ الباقون { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً } جعلوا الميتة خبر كان بلفظ التذكير .

ثم قال : { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } صار نصباً لنزع الخافض يعني : سيعاقبهم بكذبهم { إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } { حَكِيمٌ } عليهم بالعذاب { عَلِيمٌ } بهم . وفي الآية دليل أن العالم ينبغي أن يتعلم قول من خالفه وإن لم يأخذ به حتى يعلم فساد قوله ، ويعلم كيف يرد عليه لأن الله تعالى أعلم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قول من خالفهم في زمانهم ، ليعرفوا فساد قولهم .