الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ} (53)

{ وكذلك فَتَنَّا } ومثل ذلك الفتن العظيم ، فتنا بعض الناس ببعض ، أي ابتليناهم بهم . وذلك أنّ المشركين كانوا يقولون للمسلمين { أهؤلاء } الذين { مَنَّ الله عَلَيْهِم مّن بَيْنِنَا } أي أنعم عليهم بالتوفيق لإصابة الحق ولما يسعدهم عنده من دوننا ، ونحن المقدمون والرؤساء ، وهم العبيد والفقراء ، إنكاراً لأن يكون أمثالهم على الحق وممنوناً عليهم من بينهم بالخير ، ونحوه { أَألْقِىَ الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } [ القمر : 25 ] ، { وَلَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } [ الأحقاف : 11 ] . ومعنى فتناهم ليقولوا ذلك : خذلناهم فافتتنوا ، حتى كان افتنانهم سبباً لهذا القول ، لأنه لا يقول مثل قولهم هذا إلاّ مخذول مفتون { أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين } أي الله أعلم بمن يقع منه الإيمان والشكر فيوفقه للإيمان . وبمن يصمم على كفره فيخذله ويمنعه التوفيق .