النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ} (53)

قوله عز وجل : { وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } يعني لاختلافهم في الأرزاق ، والأخلاق ، والأحوال .

وفي إفتان الله تعالى لهم قولان :

أحدهما : أنه ابتلاؤهم واختبارهم {[887]}ليختبر به شكر الأغنياء وصبر الفقراء ، قاله الحسن ، وقتادة .

والثاني : تكليف ما يشق على النفس مع قدرتها عليه .

{ لَّيَقُولُوا أَهَؤُلآءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم من بَيْنِنَا } وهذا قول الملأ من قريش للضعفاء من المؤمنين ، وفيما مَنَّ الله تعالى به عليهم قولان :

أحدهما : ما تفضل الله به عليهم من اللطف في إيمانهم .

والثاني : ما ذكره من شكرهم على طاعته .

قوله عز وجل : { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بآيَاتِنَا } يعني به ضعفاء المسلمين وما كان من شأن عمر .

{ فَقُل سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } فيه قولان :

أحدهما : أنه أمر بالسلام عليهم من الله تعالى ، قاله الحسن .

والثاني : أنه أمر بالسلام عليهم من نفسه{[888]} تكرمة لهم ، قاله بعض المتأخرين .

وفي السلام قولان :

أحدهما : أنه جمع السلامة .

والثاني : أن السلام هو الله ومعناه ذو السلام{[889]} .

{ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } فيه قولان :

أحدهما : معناه أوجب الله على نفسه .

والثاني : كتب في اللوح المحفوظ على نفسه .

و { الرَّحْمَةَ } يحتمل المراد بها هنا وجهين :

أحدهما : المعونة .

والثاني : العفو .

{ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءَاً بِجَهَالَةٍ } في الجهالة تأويلان :

أحدهما : الخطيئة ، قاله الحسن ، ومجاهد ، والضحاك .

والثاني : ما جهل كراهية عاقبته ، قاله الزجاج .

ويحتمل ثالثاً : أن الجهالة هنا ارتكاب الشبهة بسوء التأويل .

{ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ } يعني تاب من عمله الماضي وأصلح في المستقبل{[890]} .


[887]:- سقط من ق.
[888]:- الضمير في نفسه يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم أي أن الله أمر نبيه أن يبدأ هؤلاء بالسلام وفي ذلك دليل على وجوب تكريم عباد الله الصالحين وعدم إيذائهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليهم ويقول: الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام.
[889]:سقط من ق.
[890]:- سقط من ق.