فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ} (53)

قوله : { وكذلك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } أي مثل ذلك الفتن العظيم فتنا بعض الناس ببعض ، والفتنة الاختبار ، أي عاملناهم معاملة المختبرين ، واللام في { لّيَقُولواْ } للعاقبة ، أي ليقول البعض الأوّل مشيرين إلى البعض الثاني { أهؤلاء } الذين { مَنَّ الله عَلَيْهِم مّن بَيْنِنَا } أي أكرمهم بإصابة الحق دوننا . قال النحاس : وهذا من المشكل ، لأنه يقال : كيف فتنوا ليقولوا هذا القول ؟ وهو إن كان على طريقة الإنكار كفر ، وأجاب بجوابين : الأوّل : أن ذلك واقع منهم على طريقة الاستفهام لا على سبيل الإنكار ؛ والثاني : أنهم لما اختبروا بهذا كان عاقبته هذا القول منهم كقوله :

{ فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } . قوله : { أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين } هذا الاستفهام للتقرير . والمعنى : أن مرجع الاستحقاق لنعم الله سبحانه هو الشكر ، وهو أعلم بالشاكرين له ، فما بالكم تعترضون بالجهل وتنكرون الفضل .

/خ55