الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ} (53)

{ وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } التعريف الوضيع والعرفي بالمولى والغني الآية { لِّيَقُولواْ } يعني الأشراف الأغنياء { أَهَؤُلاءِ } يعني الفقراء والضعفاء { مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } قال الكلبي : كان الشريف إذا نظر إلى الوضيع قد آمن قبله حمى أنفاً أن يسلم ويقول : سبقني هذا بالإسلام فلا يسلم { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ } يعني المؤمنين وهذا جواب لقوله { أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } وقيل : أليس اللّه أعلم بالشاكرين ، من يشكر على الإسلام إذا هديته له .

العلاء بن بشير عن أبي بكر الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : " كنت في عصابة فيها ضعفاء المهاجرين ، وإن بعضهم يستر بعضاً من العري وقارىء يقرأ علينا ونحن نستمع إلى قراءته فقال النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام علينا فلما رأى القارىء سكت ، فسلم وقال : ما كنتم تصنعون ؟ قلنا : يا رسول اللّه كان قارىء يقرأ علينا ونحن نستمع إلى قراءته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد للّه الذي جعل في أمتي من أمرت أن أُصبر نفسي معهم ثم جلس وسطنا ليعدل نفسه فينا ثم قال هكذا بيده هكذا ، فحلق القوم وبرزت وجوههم فلم يعرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منهم أحداً وكانوا ضعفاء المهاجرين . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أبشروا صعاليك المهاجرين بالفوز التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل أغنياء المؤمنين بنصف يوم مقداره خمس مائة سنة " .

هشام بن سليمان عن أبي يزيد الرقاشي عن أنس قال : " قال النبي صلى الله عليه وسلم " يا معشر الفقراء إن اللّه رضي لي أن أتأسى بمجالسكم وأن اللّه معنا فقال : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ } [ الكهف : 28 ] فإنها مجالس الأنبياء قبلكم والصالحين " .

معاوية بن مرّة عن عائذ بن عمرو : " أن سلماناً وصهيباً وبلالا كانوا قعدوا فمر بهم أبو سفيان فقالوا له : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو اللّه مأخذها بعد . فقال لهم أبو بكر ( رضي الله عنه ) : تقولون هذا لشيخ قريش وسيّدها ثم أتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم إن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك " فوقع أبو بكر فيهم فقال : لعلي أغضبتكم ؟ قالوا : لا يا أبا بكر يغفر اللّه لك " .