تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (143)

{ ولما جاء موسى لميقاتنا . . . } الآية ، قال الحسن : لما كلمه ربه ، دخل قلب موسى من السرور من كلام الله ما لم يصل إلى قلبه مثله قط ، فدعت موسى نفسه إلى أن يسأل ربه أن يريه نفسه ؛ ولو كان فيما عهد إليه قبل ذلك أنه لا يرى ، لم يسأل ربه بما يعلم أنه لا يعطيه إياه .

{ قال رب أرني أنظر إليك } فقال الله : { لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا } قال قتادة : تفتت الجبل بعضه على بعض{[366]} .

قال محمد : وقيل : جعله دكا ؛ أي : ألصقه بالأرض ؛ يقال : ناقة دكاء ؛ إذا لم يكن لها سنام{[367]} . وقيل في قوله : { تجلى } أي : ظهر ، أو ظهر من أمره ما شاء { وخر موسى صعقا } أي سقط ميتا .

قال محمد : وقيل : ( صعقا ) : مغشيا عليه { فلما أفاق } يعني : رد الله إليه حياته .

{ قال سبحانك تبت إليك } أي : من قولي : أنظر إليك { وأنا أول المؤمنين } يعني : المصدقين بأنك لا ترى في الدنيا .


[366]:أخرجه الطبري في تفسيره (6/53) ح (15091).
[367]:انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي (3/292) – (مادة / دكك).