تفسير الأعقم - الأعقم  
{سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّـٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُمۡ أَوۡ أَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡۖ وَإِن تُعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيۡـٔٗاۖ وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ} (42)

{ سمَّاعُون للكذب } يعني قائلون لما تفتريه الأخبار من الكذب على الله تعالى وتحريف كتابه من قولك الملك يسمع كلام فلان ومنه سمع الله لمن حمده { سمَّاعُون لقوم آخرين لم يأتوك } يعني اليهود الذين لم يصلوا إلى مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من شدة البغضاء والتبالغ في العداوة ، وقيل : سماعون إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأجل أن يكذبوا عليه بأن ينسخوا ما سمعوا عنه بالزيادة والنقصان والتبديل والتغيير ، وقيل : سمَّاعون بني قريظة والقوم الآخرين قوم من اليهود يهود خيبر { يحرفون الكلم } يميلونه ويزيلونه { عن مواضعه } التي وضعه الله عليها فيهملونه بغير مواضع بعد أن كان ذا مواضع ، قوله تعالى : { يقولون أن أُوتيتم هذا فخذوه } قال جار الله : إن أُوتيتم هذا المُحَرَّف المُزال عن مواضعه فخذوه واعلموا أنه الحق واعملوا به { وإن لم تؤتوه } وأفتاكم محمد بخلافه { فاحذروا } يعني فإياكم وإياه فهو الضلال والباطل ، " وروي أن شريفين من خيبر زنيا بشريفة وهم محصنان وحدّهما الرجم في التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فبعثوا رهطاً منهم إلى بني قريظة يسألوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن ذلك وقالوا : إن أمركم بالجلد فاقبلوا وإن أمركم بالرجم فلا تقبلوا ، وأرسلوا الزانيين معهم فأمرهم بالرجم فأبوا أن يأخذوا به فقال له جبريل ( عليه السلام ) : اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " هل تعرفون شاباً أمرد أعور أبيض يسكن فدكاً يقال له ابن صوريا ؟ " قالوا : نعم هو أعلم يهودي على وجه الأرض ، ورضوا به حكماً ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي فلق البحر لموسى ورفع فوقكم الطور وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي أنزل عليكم كتابه هل تجدون الرجم على من أحصن ؟ " فقال : نعم فوثب عليه سفلة من اليهود ، فقال : خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب ، ثم سأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله النبي الأمي الذي بشَّر به المرسلون ، وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالزانيين فرجما عند باب المسجد "

{ ومن يرد الله فتنته } تركه مفتوناً وخذلانه { فلن تملك له من الله شيئاً } فلن تستيطع له من لطف الله وتوفيقه شيئاً ، قوله تعالى : { أن يطهر قلوبهم } يعني يمنحهم من الألطاف ما يطهر قلوبهم به لأنهم ليسوا من أهلها { أكَّالون للسحت } كما لا يحل كسبه ، وعن الحسن : كان الحاكم في بني إسرائيل إذا أتاه أحد بالرشوة جعلها في كمه ، فأراه إياها وتكلم بحاجته فسُمِع منه ولا ينظر إلى خصمه فيأكل الرشوة ويسمع الكذب وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به " قوله تعالى : { فلن يضروك شيئاً } لأنهم كانوا لا يتحاكمون إليه إلا لطلب الأبر والأهون عليهم كالجلد مكان الرجم ، قوله : { بالقسط } أي بالعدل والاحتياط كما حكم بالرجم .