قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } الآية هذه الآية شبهة خامسة لمنكري النبوة ، كانوا يقولون : الله أعلى ، وأجلُّ من أن يكون رسوله واحداً من البشر ؛ بل لو أراد بعثة رسولٍ إلينا كان يبعث ملكاً ، وتقدم تقريرُ هذه الشبهة في سورة الأنعام ؛ فأجاب الله عن هذه الشبهة بقوله : { نوحي إِلَيْهِمْ } والمعنى : أنَّ عادة الله من أول زمان التكليف لم يبعث رسولاً إلاَّ من البشر ، وهذه العادة مستمرةٌ ، فلا يلتفت إلى طعن هؤلاء الجهال .
ودلت هذه الآية على أنه ما أرسل أحداً من النساءِ ، ودلت على أنه - تعالى - ما أرسل ملكاً ، إلاَّ أن ظاهر قوله تعالى : { جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً } [ فاطر : 1 ] يدل على أن الملائكة رسل الله إلى سائر الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- ، ثم قال الله تعالى : { فاسألوا أَهْلَ الذكر } .
قال ابن عباس - رضي الله عنه- : يريد أهل التوراة ، ويدل عليه قوله تعالى : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبور مِن بَعْدِ الذكر } [ الأنبياء : 105 ] يعني التوراة{[19824]} . وقال الزجاج : معناه سلوا كلَّ من يذكر بعلم وتحقيق .
واختلف الناس في أنه هل يجوز للمجتهد تقليد المجتهد ؟ منهم من أجازه محتجاً بهذه الآية ؛ فقال : لمَّا لم يكن أحد المجتهدين عالماً ، وجب عليه الرجوع إلى المجتهد العالم بالحكم ؛ لقوله تعالى : { فاسألوا أَهْلَ الذكر إنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } فإن لم يجب ؛ فلا أقل من الجواز .
واحتج نفاة القياس بهذه الآية فقالوا : المكلف إذا نزلت به واقعة ، فإن كان عالماً بحكمها ، لم يجز له القياس ، وإن لم يكن عالماً بحكمها ، وجب عليه سؤال من كان عالماً بها ؛ لظاهر هذه الآية ، ولو كان القياس حجة ، لما وجب عليه سؤال العالم ؛ لأنه يمكنه استنباط ذلك الحكم بالقياس ، فثبت أن تجويز العمل بالقياس يوجب ترك العمل بظاهر هذه الآية ؛ فوجب أن لا يجوز .
والجواب : أنه ثبت جواز العمل بالقياس بإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - فالإجماع أقوى من هذا الدليل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.