{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ } هذا الجارُّ متعلق بمحذوفٍ ؛ فإنه حال ، إمَّا من فاعل " يَأخُذهُمْ " وإما من مفعوله ، ذكرهما أبو البقاء .
والظاهر كونه حالاً من المفعول دون الفاعل .
والتَّخَوُّفُ : تفعُّلٌ من الخَوفِ ، يقال : خِفْتُ الشَّيء ، وتخَوَّفتهُ .
والتَّخوُّفُ : التَّنقُّص ، أي : نقص من أطرافهم ، ونواحيهم ، الشيء بعد الشيء حتًّى يهلك جميعهم ، يقال : تخوَّفته الدَّهرَ ؛ وتخوفه ، إذا نقصه ، وأخذ ماله ، وحشمه ، ويقال : هذه لغة بني هذيل .
وقال ابن الأعرابيِّ : تخوَّفتُ الشَّيءَ وتخيَّفتهُ إذا تنقَّصتهُ .
حكى الزمخشريُّ أن عمر - رضي الله عنه - سألهم على المنبر عن هذه الآية فسكتوا ، فقام شيخٌ من هذيل ، فقال : هذه لغتنا ، التخَوُّف التنقُّص ، فقال عمر : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ .
قال : نعم ، قال شاعرنا : [ البسيط ]
3311- تخوَّف الرَّحلُ منهَا تَامِكاً قَرِداً*** كمَا تَخوَّفَ [ عُودَ ] النَّبْعةِ السَّفن{[19833]}
فقال عمر - رضي الله عنه- : أيُّها الناس عليكم بديوانكم لا تضلُّوا ، قالوا : وما ديواننا ؟ قال : شعر الجاهلية ؛ فإنَّ فيه تفسير كتابكم{[19834]} ، وكان الزمخشري نسب البيت قبل ذلك لزهير ، وكأنه سهوٌ ؛ فإنه لأبي كبير الهذلي ؛ ويؤيد ذلك قول الرجل : قال شاعرنا ، وكان هذيلياً كما حكاه هو ، فعلى هذا يكون المراد ما يقع في أطراف بلادهم ، كما قال تعالى : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ } [ الأنبياء : 44 ] أي : لا نعاجلهم بالعذاب ، ولكن ننقص من أطراف بلادهم حتى يصل إليهم فيهلكهم .
ويحتمل أن النَّقص من أموالهم وأنفسهم يكون قليلاً قليلاً حتى يفنوا جميعهم .
وقال الضحاك ، و الكلبيُّ : من الخوف ، أي : لا يأخذهم بالعذاب ، أولاً ؛ بل يخيفهم ، أو بأن يعذب طائفة ؛ فتخاف التي يليها .
ثم قال : { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } أي يمهل في أكثر الأمر ؛ لأنه رءوف رحيم ، فلا يعاجل بالعذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.