قوله تعالى : { أَفَحَسِبَ الذين كفروا } الآية .
لما بيَّن إعراض الكافرين عن الذِّكر ، وعن سماع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أتبعه بقوله : { أَفَحَسِبَ الذين كفروا }
والمعنى : أفظنَّ الذين كفروا أن ينتفعوا بما عبدوه .
والمراد بقوله : { أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دوني أَوْلِيَآءَ } : أرباباً ، يريد بالعباد : عيسى ، والملائكة .
وقيل : هم الشياطين يتولَّونهم ويطيعُونَهُم .
وقيل : هم الأصنام ، سمَّاها عباداً ؛ كقوله : { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } [ الأعراف : 194 ] . وهو استفهام توبيخ .
قوله : { أَفَحَسِبَ } : العامة على كسر السين ، وفتح الباء ؛ فعلاً ماضياً ، و { أَن يَتَّخِذُواْ } سادٌّ مسدَّ المفعولين ، وقرأ{[21341]} أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالب ، وزيد بن عليٍّ ، وابن كثيرٍ ، ويحيى بن يعمر في آخرين ، بسكون السين ، ورفع الباء على الابتداء ، والخبر " أنْ " وما في حيِّزها .
والمعنى : أفكافيهم ، وحسيبهم أن يتَّخذوا كذا وكذا .
وقال الزمخشريُّ : " أو على الفعل والفاعل ؛ لأن اسم الفاعل ، إذا اعتمد على الهمزة ، ساوى الفعل في العمل ؛ كقولك : " أقَائمٌ الزَّيدانِ " وهي قراءة محكيَّةٌ جيِّدةُ " .
قال أبو حيَّان : " والذي يظهر أنَّ هذا الإعراب لا يجوزُ ؛ لأنَّ حسباً ليس باسم فاعلٍ ، فيعمل ، ولا يلزم من تفسير شيءٍ بشيء : أن يجرى عليه أحكامه ، وقد ذكر سيبويه{[21342]} أشياء من الصِّفات{[21343]} التي تجري مجرى الأسماء ، وأنَّ الوجه فيها الرفع ، ثم قال : وذلك نحو : مرَرْتُ برجلٍ خير منه أبوهُ ، ومررتُ برجلٍ سواءٍ عليه الخير والشر ، ومررت برجلٍ أب لهُ صاحبه ، ومررتُ برجلٍ حسبك من رجلٍ هو ، ومررتُ برجلٍ أيِّما رجلٍ هو " . ثم قال أبو حيان : " ولا يبعُد أن يرفع به الظاهر ، فقد أجازوا في " مررتُ برجلٍ أبي عشرةٍ أبوه " أن يرتفع " أبوهُ " ب " أبِي عشرةٍ " لأنه في معنى والدِ عشرةٍ " .
قوله : " نُزُلاً " فيه أوجهٌ :
أحدها : أنه منصوب على الحال ، جمع " نَازِلٍ " نحو شارفٍ ، وشُرفٍ .
الثاني : أنه اسم موضع النُّزولِ . قال ابن عباس : " مَثوَاهُمْ " وهو قول الزجاج .
الثالث : أنَّه اسمُ ما يعدُّ للنازلين من الضُّيوف ، أي : معدة لهم ؛ كالمنزلِ للضَّيف ، ويكون على سبيل التهكُّم بهم ، كقوله تعالى : { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] وقوله : [ الوافر ]
. . . . . . . . . . . . . . *** تَحيَّةُ بينهم ضَرْبٌ وجِيعُ{[21344]}
ونصبه على هذين الوجهين مفعولاً به ، أي : صيَّرنا .
وأبو حيوة{[21345]} " نُزْلاً " بسكون الزاي ، وهو تخفيف الشَّهيرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.