قوله : { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلك لَمَيِّتُونَ } أي : بعدما ذكر ، ولذلك أفرد اسم الإشارة ، وقرأ العامة «لَمَيِّتُونَ » ، وزيد بن علي وابن أبي عبلة وابن محيصن «لَمَائِتُونَ »{[32372]} والفرق بينهما : أن الميّت يدل على الثبوت والاستقرار ، والمائت على الحدوث كضيق وضائق وفرح وفارح ، فيقال لمن سيموت : ميّت ومائت ، ولمن مات : ميّت فقط دون مائت ، لاستقرار الصفة وثبوتها ، وسيأتي مثله في الزمر{[32373]} إن شاء الله تعالى . فإن قيل : الموت لم يختلف فيه اثنان وكم من مخالف في البعث ، فَلِم أَكّد المجمع عليه أبلغ تأكيد{[32374]} وترك المختلف فيه من تلك المبالغة في التأكيد{[32375]} ؟ فالجواب : أنّ البعث لما تظاهرت أدلته وتظافرت ، أبرز في صورة المجمع عليه المستغني عن ذلك ، وأنّهم لَمَّا لم يعملُوا{[32376]} للموت ، ولم يهتموا بأموره ، نُزِّلوا منزلة من يُنكره ، فأبرز لهم في صورة المنكر الذي استبعدوه كل استبعاد{[32377]} . وكان أبو{[32378]} حيان سئل عن ذلك{[32379]} ، فأجاب أنّ اللام غالباً تخلص المضارع للحال{[32380]} ، ولا يمكن دخولها في «تُبْعَثُونَ » ، لأنه مخلص للاستقبال لعمله في الظرف المستقبل ، واعترضَ على نفسه بقوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة }{[32381]} [ النحل : 124 ] فإن{[32382]} اللام دخلت على المضارع العامل في ظرف مستقبل وهو «يَوْمِ القِيَامَة » فأجاب بأنه خرج هذا بقوله : غالباً ، وبأن{[32383]} العامل في «يوم القيامة » مقدر{[32384]} ، وفيه نظر إذ فيه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه .
و «بَعْدَ ذَلِك » متعلق ب «مَيِّتُونَ » ، ولا تمنع لام الابتداء من ذلك{[32385]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.