اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَنشَأۡنَا لَكُم بِهِۦ جَنَّـٰتٖ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَٰبٖ لَّكُمۡ فِيهَا فَوَٰكِهُ كَثِيرَةٞ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (19)

واعلم أنه تعالى لمّا نبّه على عظيم{[33]} نعمته بخلق الماء ذكر بعده النعم الحاصلة من الماء فقال{[34]} { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ } . أي : بالماء { جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ } ، وإنما ذكر النخيل والأعناب لكثرة منافعهما فإنهما يقومان مقام الطعام والإدام والفاكهة رطباً ويابساً ، وقوله : { لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ } أي : في الجنات فكما{[32444]} أن فيها النخيل والأعناب فيها الفواكه الكثيرة ، «وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ » شتاءً وصيفاً{[32445]} .

قال الزمخشري : يجوز أن يكون هذا من قولهم : فلان يأكل من حرفة يحترفها ، ومن صنعة يعملها ، يعنون أنها طعمته وجهته التي منها يحصل رزقه ، كأنه قال : وهذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعايشكم {[32446]} .


[33]:ينظر معاني القرآن للزجاج 1/327. وفي ب الذي حكاه الأخفش من كسر الميم- خطأ لا يجوز، ولا تقوله العرب لثقله.
[34]:وهذا الطعن عندي ضعيف، لأن الكسرة حركة فيها بعض الثقل والياء أختها، فإذا اجتمعا، عظم الثقل، ثم يحصل الانتقال منه إلى النطق بالألف في قولك: "الله" وهو في غاية الخفة، فيصير اللسان منتقلا من أثقل الحركات إلى أخف الحركات، والانتقال من الضد إلى الضد دفعة واحدة صعب على اللسان، أما إذا جعلنا الميم مفتوحة، انتقل اللسان من فتحة الميم إلى الألف في قولنا: "الله" فكان النطق بها سهلا، فهذا وجه تقرير قول سيبويه والله أعلم. ينظر الرازي 7/134.
[32444]:في ب: كما.
[32445]:انظر الفخر الرازي 23/90.
[32446]:الكشاف 3/45.