ثم إنه تعالى حكى عنهم شبههم في إنكار نبوة نوح - عليه السلام{[32541]} - : وهي قولهم : { مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } وهذه الشبهة تحتمل وجهين :
أحدهما : أن يقال : إنه لمّا كان سائر الناس في القوة والفهم والعلم والغنى والفقر والصحة والمرض سواء امتنع كونه رسولاً لله ، لأنّ الرسول لا بُدّ وأن يكون معظماً عند الله وحبيباً له{[32542]} ، والحبيب لا بد وأن يختص عن غير الحبيب بمزيد الدرجة والعزة ، فلما انْتَفَتْ هذه الأشياء علمنا انتفاء الرسالة .
والثاني : أن يقال : إن هذه الإنسان مشارك لكم في جميع الأمور ، ولكنه أحب الرياسة{[32543]} والمتبوعية فلم يجد إليهما{[32544]} سبيلاً إلا بادعاء النبوة ، فصار ذلك شُبهة لهم في القدح في نبوته ، ويؤكد هذا الاحتمال قولهم : { يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } أي : يطلب الفضل{[32545]} عليكم ويرأسكم {[32546]} .
الشبهة الثانية : قولهم : { وَلَوْ شَاءَ الله لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } أي : ولو شاء الله أن لا يتعبد سواه لأنزل ملائكة بإبلاغ الوحي ، لأنّ بعثة الملائكة أشد إفضاء إلى المقصود من بعثة البشر ، لأن الملائكة لعلو شأنهم وشدة سطوتهم ، وكثرة علومهم ينقاد الخلق إليهم ، ولا يشكون في رسالتهم فلمّا لم يفعل ذلك عَلِمنا أنه ما أرسل رسولاً {[32547]} .
الشبهة الثالثة : قولهم : { مَّا سَمِعْنَا بهذا في آبَائِنَا الأولين } فقولهم : «بِهَذا » إشارة إلى نوح - عليه السلام{[32548]} - أي : بإرسال{[32549]} بشر رسولاً ، أو بهذا الذي يدعو إليه نوح وهو عبادة الله وحده ، لأنّ آباءهم كانوا يعبدون الأوثان ، وذلك أنهم كانوا لا يُعوّلون في شيء من مذاهبهم إلا على التقليد والرجوع إلى قول{[32550]} الآباء ، فلمّا لم يجدوا في نبوة نوح - عليه السلام{[32551]} - هذه الطريقة حكموا{[32552]} بفسادها{[32553]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.