قوله : { أَوَ لَمْ يَكُن لَهُمْ آيَةً } . قرأ ابن عامر{[37895]} «تَكُنْ » بالتاء من فوقه «آيَةٌ » بالرفع . والباقون «يَكُنْ » بالياء من تحت «آيَةً » بالنصب{[37896]} . وابن عباس : «تَكُنْ » بالتاء من فوق «آيَةٌ » بالنصب{[37897]} . فأما قراءة ابن عامر فتكون يحتمل أن تكون تامة ، وأن تكون ناقصة . فإن كانت تامة جاز أن يكون «لَهُمْ » متعلقاً بها ، و «آيَةٌ » فاعلاً بها ، و «أَنْ يَعْلَمَهُ » إما بدل من «آيَةٌ » وإما خبر مبتدأ مضمر ، أي : أو لم تحدث لهم علامةُ علم علماء بني إسرائيل{[37898]} . وإن كانت ناقصة جاز فيها أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون اسمها مضمراً فيها بمعنى{[37899]} القصة ، و { آيَةً أَن يَعْلَمَهُ } جملة قدم فيها الخبر واقعةٌ موقع خبر «تَكُنْ »{[37900]} .
الثاني : أن يكون اسمها ضمير القصة أيضاً و «لَهُمْ » خبر مقدم ، و «آيَةٌ » مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر «تَكُنْ » ، و «أَنْ يَعْلَمَهُ » إما بدل من «آيَةٌ »{[37901]} وإما خبر مبتدأ مضمر ، أي : هي أن يعلمه .
الثالث : أن يكون «لَهُمْ » خبر «تَكُنْ » مقدماً على اسمها ، و «آيَةٌ » اسمها ، و «أنْ يَعْلَمَهُ » على الوجهين المتقدمين : البدلية ، وخبر ابتداء مضمر{[37902]} .
الرابع : أن تكون «آيَةٌ » اسمها ، و «أَنْ يَعْلَمَهُ » خبرها . وقد اعترض هذا بأنه يلزم جعل الاسم نكرة والخبر معرفة{[37903]} وقد نص بعضهم على أنه ضرورة{[37904]} كقوله :
3924 - وَلاَ يَكُ مَوْقِفٌ مِنْكِ الوَدَاعَا{[37905]} *** . . .
3925 - يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ{[37906]} *** . . .
وقد اعتذر عن ذلك بأنَّ «آيَةٌ » قد تخصصت بقوله : «لَهُمْ »{[37907]} فإنه حال منها ، والحال صفة ، وبأن تعريف الخبر ضعيف لعمومه . وهو اعتذار باطل ، ولا ضرورة تدعو إلى هذا التخريج ، بل التخريج ما تقدم . وأما قراءة الباقين فواضحة جداً ، ف{[37908]} «آيَةٌ » خبر مقدم ، و «أَنْ يَعْلَمَهُ » اسمها مؤخر ، و «لَهُمْ » متعلق ب «آيَةٌ » حالاً من «آية »{[37909]} . وأما قراءة ابن عباس كقراءة : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا }{[37910]} [ الأنعام : 23 ] ، وكقول لبيد :
3926 - فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادَةً *** مِنْهُ إذَا هِيَ عَرَّدَتْ{[37911]} أَقْدَامُهَا{[37912]}
إما لتأنيث الاسم لتأنيث{[37913]} ( الخبر ){[37914]} ، وإما لأنه بمعنى المؤنث ، ألا ترى أنَّ «أَنْ يَعْلَمَهُ » في قوة المعرفة ، و { إِلاَّ أَنْ قَالُوا } في قوة مقالتهم ، وإِقْدَامُهَا بإقْدَامَتِهَا{[37915]} .
وقرأ الجحدريّ : «أَنْ تَعْلَمَهُ » بالتاء من فوق{[37916]} ، شبَّه البنين بجمع التكسير في تغيّر واحده صورةً ، فعامل{[37917]} فعله المسند إليه معاملة فعله في لحاق علامة التأنيث ، وهذا كقوله :
3927 - قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ *** يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأَقْوَامِ{[37918]}
وكتبوا في الرسم الكريم : «عُلَمواء » بواو بين الميم والألف{[37919]} . قيل : هو على لغة من يميل الألف نحو الواو ، وهذا كما فعل في «الصَّلاة والزَّكْاة »{[37920]} .
المعنى : أو لم يكن لهؤلاء المنكرين علم بني إسرائيل علامة ودلالة على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنّ العلماء الذين كانوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذكره في كتبهم ، كعبد الله بن سلام ، وابن يامين ، وثعلبة ، وأسد ، وأسيد{[37921]} . قال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود بالمدينة فسألوهم عن محمد - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنَّ هذا لزمانه{[37922]} ، وإنا لنجد في التوراة نعته وصفته ، فكان ذلك آية على صدقه{[37923]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.