اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَأٓتٖۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (5)

قوله : { مَن كَانَ يَرْجُو } يجوز أن تكون من شرطية ، وأن تكون موصولة ودخلت الفاء لشبهها بالشرطية .

فإن قيل : المعلق بالشرط عُدِمَ عَندَ عدم الشرط ، فمن لا يرجو لقاء الله لا يكون أجل الله آتياً له ، وهذا باطل ، لأن أجل الله آت لا محالة من غير تقييد بشرط ؟ .

فالجواب : أن قوله : { فَإِنَّ أَجَلَ الله لآتٍ } ليس بجواب ، بل الجواب محذوف ، أي فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً كما قد صرح به .

وقال ابن الخطيب : المراد من ذكر إتيان الأجل وعد المطيع بما يعده من الثواب أي من كان يرجو لقاء الله فإن أجره لآتٍ بثواب الله ، أي يُثَابُ على طاعته ، ومن لا يرجو لقاء الله آتياً له على وجه الثواب .

فصل :

قال ابن عباس ومقاتل : من كان يخشى البعث والحساب{[41055]} . والرجاء بمعنى الخوف . وقال سعيد بن جبير{[41056]} : من كان يطمع في ثواب الله فإن أجل الله يعني ما وعد الله من الثواب والعقاب .

وقال مقاتل : يعني أن يوم القيامة لكائن{[41057]} والمعنى : أن من يخشى الله ويأمله فليستعد له ، وليعمل لذلك{[41058]} اليوم ، كقوله { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً } [ الكهف : 110 ] الآية كما تقدم .

{ وهو السميع العليم } ولم يذكر صفة غيرهما ، لأنه سبق القول في قوله : { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا } وسبق القول بقوله : { وهم لا يفتنون } وبقوله : { فليعلمن الله الذين صدقوا } وقوله : { أم حسب الذين يعملون السيئات } ولا شك أن القول يدرك بالسمع والعمل منه ما يدرك بالبصر ، ومنه ما لا يدرك به ، والعلم يشملهما ، فقال : { وَهُوَ السميع العليم } أي يسمع ما قالوه ، ويعلم من صدق فيما قال ، ومن كذب أو عليم بما يعمل فيثيب ويعاقب .


[41055]:في "ب" والعقاب.
[41056]:مولى بني والبة بن الحارث من بني أسد، كان فقيهاً ورعاً، قرأ القرآن على ابن عباس، وقرأ عليه أبو عمرو، والمنهال بن عمرو، مات سنة 175 هـ مقتولاً، وانظر: طبقات المفسرين للداودي دار الكتب العلمية ط 1/1403 هـ/1983 م.
[41057]:انظر: فتح القدير 4/192.
[41058]:قاله الرازي في التفسير الكبير 25/32.