قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ الذين يَعْمَلُونَ السيئات } «أم » هذه منقطعة{[41042]} ، فتقدر ببل والهمزة عند الجمهور{[41043]} ، والإضراب انتقال لا إبطال .
قال ابن عطية : أم معادلة{[41044]} للألف في قوله : «أحسب » وكأنه عزّ وجلّ قرر الفريقين ، قرر المؤمنين أنهم لا يفتنون ، وقرر الكافرين أنهم يسبقون نقمات الله{[41045]} .
قال أبو حيان : «ليست معادلة » ؛ إذ لو كانت كذلك لكانت متصلة ، ولا جائز أن تكون متصلة لفقد شرطين :
أحدهما : أن ما بعدها ليس مفرداً ، ولا ما في قوته .
والثاني : أنه لم يكن هنا ما يجاب به من أحد شيئين أو أشياء{[41046]} .
وجوز الزمخشري في «حسب » هذه أن تتعدى لاثنين ، وجعل «أن » وما في خبرها سادةً مسدهما ، كقوله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة } [ البقرة : 214 ] ، وأن تتعدى لواحدٍ على أنها مضمنة معنى «قدر »{[41047]} ، إلا أن التضمين لا ينقاس{[41048]} .
قوله : { ساء ما يحكمون } يجوز أن تكون «ساء » بمعنى بئس فتكون «ما » إما موصولة بمعنى الذي ، و «يحكمون » صلتها ، وهي فاعل ساء ، والمخصوص بالذم محذوف أي حكمهم{[41049]} .
ويجوز أن تكون «ما » تمييزاً ، و «يحكمون » صفتها ، والفاعل مضمر يفسره «ما » والمخصوص أيضاً محذوف{[41050]} .
ويجوز أن تكون ساء بمعنى قَبُحَ ، فيجوز في «ما » أن تكون مصدرية ، وبمعنى الذي ، ونكرة موصوفة{[41051]} ، وجيء ب «يحكمون » دون «حكموا » إما للتنبيه على أن هذا ديدنهم وإما لوقوعه موقع الماضي لأجل الفاصلة .
ويجوز أن تكون ما مصدرية وهو قول ابن كَيْسَانَ{[41052]} فعلى هذا يكون التمييز محذوفاً ، والمصدر المؤوّل مخصوص بالذم أي ساء حكماً حكمُهُمْ{[41053]} .
وقد تقدم حكم «ما » إذا اتصلت ببئس مشبعاً في البقرة{[41054]} .
لما بين حسن التكليف بقوله : { أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا } بين أن من كلف بشيء ولم يأت به يعذب ، وإن لم يعذب في الحال فسيعذب في الاستقبال ، ولا يفوت الله شيء . في الحال ولا في المآل .
فقوله : { أم حسب الذين يعملون السيئات } يعني الشرك «أن يسبقونا » أي يعجزونا ويفوتونا ، فلا نقدر على الانتقام منهم { ساء ما يحكمون } بئس ما حكموا حين ظنوا ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.