قوله : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ }
قال أكثر المفسرين : هم اليهود والنصارى{[5775]} ، وقال بعضهم : هم المُبْتَدِعَةُ من هذه الأمة{[5776]} .
وقال أبو أمامةُ : هم الحرورية بالشام . {[5777]}
وقال عبد الله بن شداد : وقف أبو أمامة - وأنا معه - على رؤوس الحرورية بالشام فقال : كلاب النار كانوا مؤمنين ، فكفروا بعد إيمانهم ، ثُمَّ قرأ : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ } الآية .
وروى عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ سرَّه بَحْبُوحَةُ الجَنَّةِ فَعَلَيْهِ بِالْجَمَاعَةِ ؛ فإنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الواحِدِ ، وَهُوَ مِنَ الاثْنينِ أبْعَدُ{[5778]} " .
وذكر الفعلَ في قوله : { وجَآءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ } للفصل ولكونه غيرَ حقيقيِّ ؛ لأنه بمعنى الدلائل .
وقيل : لجواز حذف علامة التأنيث من الفعل - إذا كان فعل المؤنث متقدِّماً .
والتفرق والافتراق واحد ، ملا رَوَى أبو برزة - في حديث بيع الفرس - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البَيْعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، وَإنِّي لأرَاكُما قَدِ افْتَرَقْتُمَا{[5779]} " فجعل التفرُّقَ والافتراقَ بمعنًى واحدٍ ، وهو أعلم بلغة الصحابة ، وبكلام النبيّ صلى الله عليه وسلم .
قال القرطبي : وأهل اللغة فرَّقوا بين فَرَقْت - مخففاً - وفرَّقت مشدداً ، فجعلوه - بالتخفيف - في الكلام ، وبالتثقيل في الأبدان " .
قال ثعلب : " أخبَرَني ابن الأعرابيّ ، قال : يقال : فرَقْتُ بين الكلامين - مخففاً - فافترقا ، وفرَّقْت بين الاثنين بالتشديد فتفرقا " . فجعل الافتراق في القول ، والتفرق في الأبدان ، وكلام أبي برزة يرد هذا .
وقال بعضهم : { تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ } معناهما مختلف .
فقيل : تفرقوا بالعداوة ، واختلفوا في الدين .
وقيل : تفرقوا بسبب استخراج التأويلاتِ الفاسدةِ لتلك النصوصِ ، واختلفوا في أن حاول كلُّ واحدٍ منهم نُصْرَةَ مَذْهَبِهِ .
وقيل : تفرقوا بأبدانهم - بأن صار كل واحد من أولئك الأخيار رئيساً في بلدٍ .
قوله : { وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } يعني : بسبب تفرُّقهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.