اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ ثُمَّ رَزَقَكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۖ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَفۡعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيۡءٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (40)

قوله : «الَّذِي خَلَقَكُمْ » أوجدكم { رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَن يَفْعَلُ } جمع في هذه الآية بين الحشر والتوحيد ، أما الحشر فقوله : «يُحْيِيكُمْ » ، وأما الدليل فقدرته على الخلْق ابتداءً وأما التوحيد ، فقوله : { هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِن شَيْءٍ } ثم قال : { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي سبحوه تسبحياً ونزهوه ولا تصفوه بالإشراك »{[42115]} . وقوله : «تَعَالَى » أي لا يجوز ذلك عليه .

قوله : «مِنْ شُرَكَائِكُمْ » خبر مقدم و «مِنْ » لِلتَّبْعيض و «مَنْ يَفْعَلُ » هو المبتدأ ، و «ذلِكُمْ » متعلق بمحذوف ، لأنه حال من «شَيء » بعده فإنه في الأصل صفة له و«مِنْ » الثانية مزيدة في المفعول به ؛ لأنه في حَيِّز النفي المستفاد من الاستفهام والتقدير : ما الذي يفعل شيئاً مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شركائكم{[42116]} ؟ .

وقال الزمخشري : «ومن الأولى والثانية كل واحدة مستقلة تأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم »{[42117]} .

وقال أبو حيان : ولا{[42118]} أدري ما أراد بهذا الكلام ؟ وقرأ الأعمش «تشركون » بتاء الخطاب{[42119]} .


[42115]:انظر: تفسير الإمام الفخر 25/27.
[42116]:انظر: البحر المحيط 7/175، والدر المصون 4/329.
[42117]:عبارته في الكشاف 3/224: " ومن الأولى والثانية والثالثة كل واحدة منهن مستقلة بتأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم".
[42118]:لم ألمح هذا التعجب وهذا التعقيب من أبي حيان للزمخشري في البحر المرجع السابق.
[42119]:انظر: البحر المحيط 7/176.