قوله : { فَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ } من البرِّ والصلة ، و «المِسْكِين » بأن يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ، وابْنَ السَّبِيل » يعني المسافر ، وقيل : الضيف{[42078]} . وخص هذه الأصناف الثلاثة بالذكر دون بقية الأصناف الثمانية المذكورة في الصدقات{[42079]} ، لأنه أراد ههنا{[42080]} بيان من يجب الإحسان إليه على كل من له مال ، سواه كان زَكَوِيّاً أو لم يكن وسواء كان قبل الحَوْلِ أم بعده ؛ لأن المقصودَ هنا الشفقة العامة وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للإنسان مالٌ زائد أما القريب فتجب نفقته عليه إذا كان له مالٌ وإن لم يَحُلْ عليه الحَوْلُ والمسكين كذلك ، فإن من لا شيءَ له إذا وقع في الحاجة حتى بلغ الشدة يجب على القادر دفع حاجته وإن لم يكن عليه زكاة ، والفقير داخل في المسكين لأن من أوْصَى للمساكين بشيء يُصْرَفُ إلى الفقير أيضاً وإذا نظرتَ إلى الباقين من الأصناف رأيتهم لا يجب صرف المال إليهم إلا على الذين وَجَبت الزكاةُ عليهم وقدم القريب لأن دفع حاجته واجبٌ سواء كان في مَخْمَصَةٍ أو لم يكن فلذلك قُدِّمَ على من لا يجب دفع حاجته من غير مال الزكاة إلا إذا كان في شدة ، وأما المسكين فحاجته ليست مختصة بموضع ، فقدم على من حاجته مختصة بموضعٍ دُونَ مَوْضِعٍ .
قوله : «ذَلِكَ خَيْرٌ » يحتمل أنْ يُرادَ : «خير من غيره » ، وأن يكون ذلك خير في نفسه { لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله } أي يطلبون ثواب الله مما يعملون { وأولئك هُمُ المفلحون } .
فإن قيل : كيف قال : { وأولئك هُمُ المفلحون } ؟ مع أن لِلإفلاح شرائطَ أخرى مذكورة في قوله : { قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ } ؟ ! .
فالجواب : كل وصف مذكور هنا{[42081]} يفيد الإفلاح ، وكذا الذي آتى المال لوجه الله يفيد الإفلاح اللَّهُمَّ إلا إذا وُجِدَ مانعٌ من ارتكاب محظورٍ أو تركِ واجبٍ .
فإن قيل : لِمَ لَمْ يذكُرْ غيره من الأفعال كالصلاة وغيره ؟ .
فالجواب : الصلاة مذكورة من قبل وكذا غيرها في قوله : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } ، وقوله { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ واتقوه وَأَقِيمُواْ الصلاة وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين } .
فإن قيل : قوله في البقرة : «فَأُولَئِكِ هُمُ المُفْلِحُونَ » إشارة إلى من أقام الصلاة وآتى الزكاة ، وآمن بما أنزل على الرسول وبما أنزل من قبل{[42082]} وبالآخرين فهو المفْلح ، وإذا كان المفلح منحصراً في «أولئك » فهذا خارج عنهم فكيف يكون مفلحاً ؟ ! .
فالجواب : هذا هو ذاك لأن قوله : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } أمر بذلك ، فإذا أتَى بالصلاة ، وآتى المال ، وأراد وجه الله ثبت أنه منم مُقِيمِي الصلاة ومُؤتِي الزكاة ومعترف بالآخرة{[42083]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.