اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٞ} (77)

قال تعالى : { اخرج مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } وقد ثبت في أصول الفقه أن ذكر الحكم عقيب الوصف المناسب يدل على كون ذلك الحكم معلَّلاً بذلك الوصف ، وههنا الحكم بكونه رجمياً ورد عقيبَ ما حكى عنه أنه خصص النص بالقياس فهذا يدل على أن تخصيص النص بالقياس يوجب هذا الحكم .

قوله : «مِنْهَا » أي من الجنة أو من الخِلْقَة لأنه كان حَسَناً فرَجَعَ قبيحاً ؛ وكان نُورَانِيًّا فعاد مُظْلِماً . وقيل : من السَّمَوَاتِ . وقال هنا لَعْنَتِي وفي غيرها اللَّعنة ، وهما وإن كانا في اللفظ عامًّا وخاصًّا إلا أنهما من حيث المعنى عامًّان بطريق اللازم لأن من كانت عليه لعنة الله كانت عليه لعنة كل أحدٍ لا مَحَالَةَ ، وقال تعالى : { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ } [ البقرة : 161 ] وباقي الجملة تقدم نظيرُها ؟

قوله : «الرَّجِيم » المرجوم والرَّجم ههنا عبارة عن الطَّرْد ؛ لأن الظاهر أن من طُرِدَ فقد يرمى بالحجارة وهو الرجم ، فلما كان الرجم من لوازم الطرد جعل الرجم كناية عن الطرد .

فإن قيل : الطرد هو اللَّعن ، فلو حملنا قوله : «رَجيمٌ » على الطرد لكان قوله بعد ذلك : { وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتي } تَكْرَاراً . فالجواب : من وجهين :

الأول : أنّا نحمل الرجم على الطرد من الجنة ومن السموات ونحمل اللعن على الطرد من رحمة الله .

الثاني : أنا نحمل الرجم على الطرد ونحمل قوله : { عَلَيْكَ لعنتي إلى يَوْمِ الدين } على أنه الطرد إلى يوم القيامة فيكون على هذا فيه فائدة زائدة ولا يكون تكراراً ، وقيل : المراد بالرجم كون الشياطين مرجومين بالشهب .