ثم بين تعالى أن الذين صار آيساً قانطاً لو عاودَتْهُ النعمة والدَّولة{[48967]} وهو قوله : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ } فِإنه يأتي بثلاثة أنواع من الأقاويل الفاسدة الموجبة للكفر والبعد عن الله{[48968]} .
فالأول : قوله { لَيَقُولَنَّ هذا لِي } وهو جواب القسم لسبقه الشرط ، وجواب الشرط محذوف كما تقدم تقريره{[48969]} .
وقال أبو البقاء : ليقولن جواب الشرط والفاء محذوفة{[48970]} . قال شهاب الدين ( رحمه الله{[48971]} ) وهو لا يجوز إلا في شعر كقوله :
4367 مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا *** . . . . . . . . . . . . . . . {[48972]}
حتى إنَّ المبرد يمنعه في الشعر ، ويروى البيت :
4368 مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ فَالرَّحْمنُ يَشْكُرُهُ{[48973]} *** . . .
معنى قوله : «هذَا لي » أي هذا حقي وصل إِليَّ ؛ لأني استوجبته بعلمي وعملي ، ولا يعلم المِسْكيِنُ أن أحداً لا يستحق على الله شيئاً ، لأنه إن كان عارياً من الفضائل ، فكلامه ظاهر الفساد ، وإن كان موصوفاً بشيء من الفضائل والصفات الحميدة فهي إنما حصلت بفضل الله تعالى وإحسانه ، فيثبتُ بهذا فساد قوله : إنما حصلت هذه الخيرات بسبب استحقاقي .
النوع الثاني من كلامه الفاسد : قوله : { وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً } ، والمعنى أنه يكون شديد الرغبة في الدنيا عظيم النُّفرة عن الآخرة فإذا آل الأمرُ إلى أحوال الدنيا يقول : إنها لي ، وإذا آل الأمر إلى الآخرة يقول : وَمَا أظُنُّّ السَّاعَةَ قَائِمَة .
النوع الثالث : من كلامه الفساد : قوله : { وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى } أي أن هذا الكافر يقول : لست على يقين من البعث وإن كان الأمر على ذلك ورُدِدْتُ إلى ربي إن لي عنده الحسنى أي الجنة ، كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة . ولما حكى الله عنهم هذه الأقوال الثلاثة الفاسدة قال{[48974]} : { فَلَنُنَبِّئَنَّ الذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ } قال ابن عباس{[48975]} رضي الله عنهما : لنوقفنّهم على مساوئ أعمالهم { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } وهذا في مقابلة قوله : { إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.