اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{عٓسٓقٓ} (2)

قوله تعالى : «حم عسق » تقدم الكلام في أمثال هذه الفواتح{[49008]} .

وسئل الحُسينُ بنُ الفضل : لم قطع حم عسق ولم يقطع كهيعص{[49009]} فقال : لأنها سور أوائلها «حم » فجرت مجرى نظائرها . كأنَّ «حم » مبتدأ و«عسق » خبره ، ولأنهما عدا آيتين وأخواتها مثل : كهيعص ، والمص والمر عدت آية واحدة{[49010]} . وقيل : لأن أهل التأويل لم يختلفوا في كهيعص ، وأخواتها ، لأنها حروف التهجي لا غير{[49011]} .

واختلفوا في «حم » فأخرجها بعضهم من حيِّز الحروف ، وجعلها فعلاً . وقيل : معناه حُمَّ أي قضي ما هو كائن{[49012]} . روى عكرمة عن ابن عباس ( رضي الله{[49013]} عنهما ) أنه قال : «ح » حلمه «م » مجده «ع » علمه ، «س » سناؤه ، «ق » قدرته أقسم الله بها . وقال شهرُ بن حوشب وعطاءُ بن أبي رباح : «ح » حرب يعِزُّ فيها الذليل ويذلُّ فيها العزيز من قريش «م » ملكُ يتحول مِنْ قوم إلى قوم «ع » عدوٌّ لقريش يقصدهم «س » سبيٌ يكون فيهم «ق » قُدرةُ الله النافذة في خلقه ؛ ورُوِيَ عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أنه قال : ليس من نبي صاحب كتاب إلا وقد أوحيت إليه حم عسق فلذلك قال : يُوحى إليك وإلى الَّذِين من قبلك وعلى هذا فقوله { الله العزيز الحكيم } تبيين للفاعل كأنه قال : من يوحي ؟ فقيل : الله العزيزُ الحكيم{[49014]} كما سيأتي . وقرأ ابنُ عباس وابنُ مسعود حمَ سَق{[49015]} .

/خ4


[49008]:انظر أول العنكبوت.
[49009]:الأولى من مريم.
[49010]:والذي سأل الحسين بن الفضل عبد المؤمن. القرطبي 16/1.
[49011]:البغوي 6/116.
[49012]:حكاه القرطبي عن القشيري المرجع السابق.
[49013]:زيادة من أ.
[49014]:ذكر هذه الأقوال القرطبي في مرجعه السابق والبغوي في معالم التنزيل في المرجع السابق أيضا.
[49015]:من القراءة الشاذة غير المتواترة ذكرها الزمخشري في الكشاف 3/459 والقرطبي في الجامع 16/1 و2 وابن خالويه في المختصر 134.