اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَوَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

قوله : { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } يومئذ منصوب «بوَيلٍ » والخبر «للمكذبين » . والفاء في قوله «فَوَيْلٌ » قال مكي : جواب الجملة المتقدمة{[53100]} وحسن ذلك ، لأن في الكلام معنى الشرط ، لأن المعنى إذا كان ما ذُكِرَ فَويْلٌ{[53101]} .

قال ابن الخطيب : أي إذا علم أن عذاب الله واقع ، وأنه ليس له دافع فويل إذَنْ للمكذبين ؛ فالفاء لاتصال المعنى ، ولمعنى آخر وهو الإيذان بأمان أهل الإيمان ، لأنه لما قال : إن عذاب ربك لواقع وأنه ليس له دافع لم يبين موقعه بِمَنْ ، فلما قال : { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } علم المخصوص ( به ){[53102]} وهو المكذب{[53103]} .

فإن قيل : إذا قلت بأن قوله : { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } بيان لمن يقع به العذاب فمن لا يكذب لا يعذب فأهل الكبائر لا يعذبون لأنهم لا يُكَذِّبون .

فالجواب : أن ذلك العذاب لا يقع إلا على أهل الكبائر ، وإنما هذا كقوله : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُواْ بلى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا } [ الملك : 8 و9 ] فالمؤمن لا يُلْقَى فيها إلقاء بهوان ، وإنما يُدْخَلُ فيها للتطهير إدْخَالاً مع نوع إكرامٍ ، والويل إنما هو للمكَذِّبِينَ .

والويل ينبئ عن الشدة ، لأن تركيب حروف الواو والياء واللام لا ينفك عن وُقُوع شدةٍ ، ومنه لَوَى إذا دافع{[53104]} ولَوَاه يلويه إِذا فَتَلَهُ فَتْلاً قوياً{[53105]} .

والوَلِيُّ فيه القوة على المُولَى عَلَيْهِ . وقد تقدم وجه جواز التنكير في قوله : «وَيْلٌ » مع كونه مبتدأ ؛ لأنه في تقدير المنصوب لأنه دعاء في تفسير قوله تعالى : { قَالَ سَلاَمٌ } [ الذاريات : 25 ] .


[53100]:في (ب) جملة المقدمة.
[53101]:قال بذلك كله مكي في المشكل 2/327.
[53102]:سقط من (ب) فقط دون (أ) والرازي.
[53103]:وانظر الرازي المرجع السابق.
[53104]:كذا في (أ) والصحيح دفع من دون ألف كما في المعاجم والرازي فالفعل ثلاثي.
[53105]:وانظر اللسان "لوى".