اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَتَسِيرُ ٱلۡجِبَالُ سَيۡرٗا} (10)

وقال ابن الخطيب : فيه فائدة جليلة ، وهي أن قوله : «وتَسِيرُ الجِبَالُ » يحتمل أن يكون بياناً لكيفية مور السماء ؛ لأن الجبال إذا سارت وسيرت معها سكانها يظهر السماء كالسائرة إلى خلاف تلك الجهة ، كما يشاهده راكب السفينة ، فإنه يرى الجبلَ الساكن متحركاً فكان لقائل أن يقول : السماء تمُور في رأي العين بسبب سير الجبال كما يَرَى القمرَ سائراً راكبُ السفينة ، والسماء إذا كانت{[53097]} كذلك فلا يبقى مَهْرَب ولا مَفْزَع لا في الأرض ولا في السماء .

فصل

لما ذكر أن العذاب واقع بين أنه متى يقع العذاب ، فقال : يوم تمور السماء موراً ، قال المفسرون : أي تَدُورُ كما يدور الرَّحَا وتَتَكفأ بأهلها تَكَفُّؤَ السَّفِينَةِ .

قال عطاء الخُراسَانيّ : يختلف أجزاؤها بعضها في بعض .

وقيل : تضطرب . { وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً } فتزول عن أماكنها ، وتصير هباءً منثوراً ، وهذا إيذان وإعلام بأن لا عود إلى السماء{[53098]} لأن الأرضَ والجبالَ والسماءَ والنجومَ كلها لعمارة الدنيا والانتفاع لبني آدم فإذا لم يبقَ فيها نفع فلذلك أعدمها الله تعالى{[53099]} .


[53097]:في الرازي مارت. وانظر الرازي 28/243، واللسان "مور".
[53098]:الصحيح كما في (ب) والرازي: الدنيا فالمعنى يحتم ذلك.
[53099]:وانظر الرازي 28/243 ورأي الخراساني في البغوي 6/249.