اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي خَوۡضٖ يَلۡعَبُونَ} (12)

قوله : { الذين هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } الخَوْضُ : هو الاندفاع في الأباطيل ، قال تعالى : { وَخُضْتُمْ كالذي خاضوا } [ التوبة : 69 ] وقال تعالى : { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخائضين } [ المدثر : 45 ] .

وتنكير الخوض يحتمل وجهين :

الأول : أن يكون للتكثير أي في خوضٍ عظيم .

الثاني : أن يكون التنوين عوضاً عن المضاف إليه ، كقوله تعالى : { وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ } [ هود : 111 ] والأصل في خوضهم المعْرُوف منهم . وقوله : يعلبون أي غافلون لاهون .

واعلم أن قوله تعالى : { الذين هُمْ فِي خَوْضٍ } ليس وصفاً للمكذبين بما يميزهم ، وإنما هو للذم كقولك : «الشيطانُ الرجيمُ » ولا تُرِيدُ فَصْله عن الشيطان الذي ليس برجيم بخلاف قولك : أَكْرِمِ الرَّجُلَ العَالِمَ فالوصف بالرجيم للذم له لا للتعريف .

وتقول في المدح : الله الذي خلق ، والله العظيم للمدح لا للتمييز ، ولا للتعريف عن إله لم يخلق أو إله ليس بعظيم ، فإن الله واحد لا غير{[53106]} .


[53106]:قال بهذه المعلومة الرازي 28/245 و246.