قال القَاضِي{[16422]} : تفسير هذه الآية على قولنا ظاهر ؛ لأنَّ بعد كفرهم وتكذيبهم
حدثت هذه الإرادة ، واعلمْ أنَّ هذا بَاطِلٌ ؛ لأنَّ في الآية وجوهاً من التَّأويل{[16423]} .
أحدها : أنَّهُ تعالى أخبر في ذلك الوقت بنزول العذابِ عليهم ، فلمَّا حدث الإعلام في ذلك الوقت ، لا جرم قال هُودٌ في ذلك الوقت : { قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ } .
وثانيها : أنَّهُ جعل المُتَوقَّع الذي لا بُدَّ من نزوله بمنزلة الواقع ، كقوله : { أتى أَمْرُ الله } [ النحل : 1 ] .
وثالثها : أن يحمل قوله : " وقع " على معنى وجد وجعل ، والمعنى : إرادة إيقاع العذاب عليكم حصلت من الأزل .
قوله : " مِن رَّبِّكُمْ " إمَّا متعلق ب " وقع " و " من " للابتداء مجازاً ، وإمَّا أن يتعلق بمحذوف لأنَّهَا حال ، إذْ كانت في الأصل صفة ل " رجس " .
والرِّجْس : العذاب والسين مبدلة من الزاي .
وقال ابن الخطيب : لا يمكن أن يكون المراد لأنَّ المُرادَ من الغضب العذابُ ، فلو حملنا الرِّجْسَ عليه لَزِمَ التَّكْرِيرُ ، وأيضاً الرجس ضد التطهير قال تعالى : { لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } [ الأحزاب : 33 ] والمرادُ التَّظْهِيرُ عن العقائد الباطلةِ .
وإذا ثبت هذا فالمراد بالرجس أنَّهُ تعالى خصّهم بالعقائِدِ المذمُومَةِ ، فيكون المعنى أنَّهُ تعالى زادهم كُفْراً ثم خصَّهم بمزيدِ الغضبِ .
قوله : " أتُجَادِلُونَنِي " استفهام على سبيل الإنْكَارِ في أسماء الأصنام وذلك أنهم كانوا يسمون الأصْنَامَ بالآلهة ، مع أن معنى الإلهية فيها معدومٌ ، سموا واحداً منها بالعُزَّي مشتقاً من العزِّ ، والله - تعالى - ما أعطاه عِزّاً أصلاً ، وسمُّوا آخر منها باللاَّتِ ، وليس له من الإلهية شيء .
قوله : " سَمَّيْتُمُوهَا " صفة ل " أسْمَاء " ، وكذلك الجملة من قوله : { مَّا نَزَّلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ } يُدلُّ على خلوِّ مذاهبهم عن الحُجَّةِ .
و " مِنْ سُلْطَانِ " مفعول " نزَّلَ " ، و " مِنْ " مزيدةٌ ، ثمَّ إنَّهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ذكر لهم وعيداً مجرَّداً فقال : فانتظروا ما يحصل لكم من عبادة الأصْنَامِ إنِّي معكم من المنتظرين .
فقوله : " مِنَ المُنْتَظِريْنَ " خبر " إني " ، و " مَعَكُمْ " فيه ما تقدَّم في قوله : { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين } ، ويجوزُ - وهو ضعيف - أن يكون " مَعَكُمْ " هو الخبر و " مِنَ المُنْتَظِرِينَ " حال ، والتقديرُ : إني مصاحبكم حال كوني من المنتظرين النّصر والفرج من الله ، وليس بذلك ؛ لأنَّ المقصُودَ بالكلامِ هو الانتظار ، لمقابلة قوله : " فانْتَظِرُوا " فلا يُجعل فضلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.