تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (64)

[ الآية 64 ] وكذلك قوله : { أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض } أي من يقدر على ما تقدم ذكره يملك البعث بعد الموت [ والإحياء . ومن يقدر أن يرزق الخلق كله ؟ ]{[15089]} يلزمهم البعث بهذا ، أي من يقدر هذا يقدر ما ذكر { أإله مع الله } أي لا إله مع الله ، بل الله المتفرد بذلك دون من يعبدون ويشركون .

وقوله تعالى : { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } أي من لج في هذا ، أو أنكر ذلك ، ادعى الشرك فيه لغيره { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } في مقالتكم .

وقوله تعالى : { بشرا } من البشارة [ ومن قرأ نُشُرا ونُشْرا ونَشْرا بالنون فهو ]{[15090]} من التفريق والرفع .

وقوله تعالى : { خلفاء الأرض } يخلفون من قبلهم من الأمم .

قال أبو معاذ : وواحد الخلفاء خليف ، وواحد الخلائف خليفة ، والخليفة من الخالف كالعليم من العالم . وقوله : { أإله مع الله } يقول والله أعلم : يفعل ذلك بكم : يرزقكم وينزل لكم من السماء ماء ، وينبت من الأرض ما تأكلون ، وترعى أنعامكم . أو مع الله إله يهديكم في ظلمات البر والبحر ، ويرسل لكم الريح بشرا ، أو يجيب المضطر ويكشف السوء عنه وكل ما ذكر ؟ أي ليس معه إله سواه . بل الله يفعل ذلك كله بكم ، فكيف أشركتم غيره في إلهيته وعبادته على علم منكم أن الذي تعبدون من دونه ، لا يملك شيئا : أن يفعل ذلك بكم ؟ يذكر سفههم وقلة بصرهم ومعرفتهم .

ثم قال{[15091]} : { قل هاتوا برهانكم } أن مع الله إلها فعل ذلك بكم { إن كنتم صادقين } .


[15089]:- في الأصل وم: وإحياءه.
[15090]:- في الأصل: ونشرا من النون، في م: ونشرا بالنون، انظر معجم القراءات القرآنية ج4/364.
[15091]:- الضمير يعود على أبي معاذ.