مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ} (55)

ثم قال تعالى : { فبأي آلاء ربك تتمارى } قيل هذا أيضا مما في الصحف ، وقيل هو ابتداء كلام والخطاب عام ، كأنه يقول : بأي النعم أيها السامع تشك أو تجادل ، وقيل : هو خطاب مع الكافر ، ويحتمل أن يقال مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يقال : كيف يجوز أن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : { تتمارى } لأنا نقول هو من باب : { لئن أشركت ليحبطن عملك } يعني لم يبق فيه إمكان الشك ، حتى أن فارضا لو فرض النبي صلى الله عليه وسلم ممن يشك أو يجادل في بعض الأمور الخفية لما كان يمكنه المراء في نعم الله والعموم هو الصحيح كأنه يقول : بأي آلاء ربك تتمارى أيها الإنسان ، كما قال : { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم } وقال تعالى : { وكان الإنسان أكثر شيء جدلا } فإن قيل : المذكور من قبل نعم والآلاء نعم ، فكيف آلاء ربك ؟ نقول : لما عد من قبل النعم وهو الخلق من النطفة ونفخ الروح الشريفة فيه والإغناء والإقناء ، وذكر أن الكافر بنعمه أهلك قال : { فبأي آلاء ربك تتمارى } فيصيبك مثل ما أصاب الذين تماروا من قبل ، أو تقول : لما ذكر الإهلاك ، قال للشاك : أنت ما أصابك الذي أصابهم وذلك بحفظ الله إياك : { فبأي آلاء ربك تتمارى } وسنزيده بيانا في قوله : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } في مواضع .