اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ} (55)

قوله : «فبأي » متعلق ب «تتمارَى » والباء ظرفية بمعنى «فِي » والآلاء النعم واحدها إلْي وإلى وأَلاً .

والمعنى فبأي نعم ربك تشك ، وقرأ ابن مُحَيْصِن ويعقوب : «تَمَارَى » بالحذف{[53796]} كقوله : «تَذَكَّرُونَ » .

فصل

قيل : هذا أيضاً مما في الصحف . وقيل : هو ابتداء لكلام ، والخطاب عام ، والمعنى فبأي آلاء أي نعم ربك أيها الإنسان تتمارى تشك وتجادل . وقال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) {[53797]} : تكذب . وقيل : هذا خطاب مع الكافر .

قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يقال : خطاب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يقال : كيف يجوز أن يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - تتمارى ؟ لأنا نقول : هو من باب : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] يعني لم يبق فيه إمكان الشك حتى أنّ فارضاً لو فرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن يشك أو يجادل في بعض الأمور الخفية لما كان يمكنه المراءُ في نعم الله تعالى . والصحيح العموم كقوله تعالى : { يا أيها الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم } [ الانفطار : 6 ] وقوله : { وَكَانَ الإنسان أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } [ الكهف : 54 ] .


[53796]:الذي في القرطبي 17/121 والبحر 8/170: أنه بتاء واحدة مشددة.
[53797]:زيادة من أ.